باب التوابع
ا لتوابع هي الكلمات التي لا يمسها الإعراب على سبيل التبعية لغيرها ، فلا تؤثر فيها الإعراب إلا على سبيل التبعية ، وهي خمسة : النعت ، التأكيد ، عطف البيان ، عطف النسق ، البدل .
***
النعت
التعريف :
هو التابع المشتق ، أو المؤول به المباين للفظ متبوعه .
شرح التعريف :
- قوله : ( التابع ) جنس يشمل جميع التوابع .
- قوله : ( المشتق ) أو مؤول يخرج بقية التوابع ، وتعني أنه مشتق من مادة الفعل أو المصدر ، تقول : زيد الكريم ، فالكريم مشتق من المصدر ، وهو الكرم .
والمشتق هو : اسم الفاعل ، واسم المفعول ، الصفة المشبهة ، اسم التفضيل ، وصيغ المبالغة .
والأمثلة على الترتيب : هذا رجل ضارب ، ورجل مضروب ، و رجل حسن الوجه ، وأعلم منك ، و ضراب .
فإذا لم يكن مشتقا و لا مؤولا به فلا يصح أن يكون نعتا ، مثل : منشار ، وملهى .
والمؤول بالمشتق ، مثل :
1 – اسم الموصول : فإنه يؤول منه مع صلته بالمشتق ، نحو : هذه هي المحاضرات التي نسختها ، أي : المحاضرات المنسوخة ، وجاء الرجل الذي كذب ، أي : الكاذب .
جاء | فعل ماض مبني على الفتح . |
الرجل | فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة . |
الذي | اسم موصول ، مبني على السكون ، في محل رفع نعت الرجل . |
كذب | فعل ماض مبني على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو ، والجملة صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب . |
* وإنما جاز الوصف بالاسم الموصول مع جموده ، لأنه يؤول مع صلته بالمشتق ، والتقدير : جاء الرجل الكاذب .
* ويستثنى من الاسم الموصول : من ، ما ، فلا يقعان صفة البتة .
2 – اسم الإشارة : فإنها تؤول بالمشتق ن نحو : عملك هذا يريبني ، ومررت بمحمد هذا .......والتقدير – في المثالين – المشار إليه .
عملك | مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة ، وعمل مضاف ، والكاف : ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة . |
هذا | اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع نعت لـ : عمل. |
يريبني | فعل وفاعل ومفعول ، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ . |
3 – الاسم المنسوب : رأيت رجلا قطريا ، أي : منسوبا إلى قطر ، ودرست في الجامعة الأزهرية ، أي : المنسوبة إلى الأزهر .
رأيت | فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل ، والتاء ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل . |
رجلا | مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة . |
قطريا | نعت منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة . |
4 – ( ذو ) : التي بمعنى صاحب ، نحو : جاء رجل ذو علم ، أي : صاحب علم .
وأما بقية التوابع فلا يلزم أن تكون مشتقة .
- مثال التوكيد : جاء القوم أجمعون ، فأجمعون ليست مشتقة ولا مؤولة به .
- مثال عطف البيان : جاء ممدوح أبو عبد الله .
- مثال عطف النسق : جاء محمد وعلي ، فكلها جامدة وليست بمشتقة .
- أما التوكيد اللفظي : فقد يكون مشتقا ، لكن ليس إلا لكونه إعادة اللفظ ، نحو : جاء زيد الفاضل الفاضل ، فالفاضل الثاني توكيد وهو مشتق .
قال ابن هشام :
فإن قلت : قد يكون التابع المشتق غير نعت ، مثال ذلك في البيان والبدل قولك ك قال أبو بكر الصديق ، وقال عمر الفاروق ، وفي عطف النسق : رأيت كاتبا وشاعرا .
قلت ك الصديق والفاروق ، وإن كانا مشتقين إلا أنهما صارا لقبين على الخليفتين – رضي الله عنهما – لاحقين باب الأعلام ، كـ : زيد وعمر ، فسحبا من دائرة الاشتقاق إلى دائرة الجمود و ( شاعرا ) في المثال المذكور نعت حذف منعوته ، وذلك المنعوت هو المعطوف ، وكذلك ( كاتبا ) ليس مفعولا في الحقيقة ، إنما هو صفة للمفعول ، والأصل : رأيت رجلا كاتبا شاعرا .
قال ابن مالك :
أغراض النعت :
وأغراض النعت كثيرة أهمها :
1- التخصيص ، أي : تخصيص النكرات بمعنى التقليل من إبهامها ، وتقريبه من الوضوح ، نحو : مررت برجل كاتب ، فهناك رجال كثيرون ، لكن الذي مررت به هو الكاتب .
2- التوضيح ، أي : توضيح المعارف ، مثل : حضر الطالب المجد ، فهناك طلبة كثيرون ، لكن الذي حضر هو المجد .
3- المدح ، مثل ، بسم الله الرحمن الرحيم ، فالرحمن : نعت ، وهو لا يفيد تخصيصا و لا تعريفا لأن ( الله ) ليس بحاجة إلى ذلك ، فأفاد المدح .
4- الذم ، مثل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فالشيطان معروف ، فالنعت لم يفده تخصيصا ، وإنما أفاد الذم .
5- الترحم ، مثل : اللهم ارحم عبدك المسكين ، فالمسكين لم يفد تخصيصا و لا توضيحا ، لأن العبد معروف ، نحو : ما ذنب الطائر المكسور جناحه يعذبه اللئيم .
6- التوكيد ، مثاله : قول الله – تعالى -: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ﴾[البقرة : 196] و ( كاملة ) نعت مؤكد لعشرة ، لأن العشرة لا بد أن تكون كاملة ، وهو ضعف الخمسة ، ومثاله – أيضا -:﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾[الحاقة : 13] فـ : ( واحدة ) نعت لـ ( نفخة ) وهو نعت توكيدي ، وذلك لأن كونها واحدة مفهوم من قوله ( نفخة ) ومنه قولهم : أمس الدابر لا يعود .
أقسام النعت :
ينقسم النعت إلى قسمين : حقيقي ، وسببي .
أولا : النعت الحقيقي :
تعريفه :
هو ما دل على صفة في نفس متبوعه ، أو فيما هو بمنزلته .
علامته :
أن يرفع ضميرا يعود على المنعوت .
مثاله : دخلت الحديقة الغناء ، فالغناء صفة الحديقة ، كونه نعتا حقيقيا لأجل أن غناء صفة لذات الحديقة ، وفيه ضمير مستتر يعود على الموصوف ( الحديقة ) .
دخلت | فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل . |
الحديقة | مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة . |
الغناء | نعت منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة . |
حكمه :
حكم النعت الحقيقي ، أنه لا بد أن يتبع موصوفة في أربعة من عشرة ، والعشرة هي :
- العدد ، الإفراد ، والتثنية ، أو الجمع .
- النوع ، التذكير ، والتأنيث .
- التعريف ، أو التنكير .
- الإعراب ، الرفع ، أو النصب ، أو الجر .
مثال ذلك : جاء زيد الكريم ، فالكريم طابق زيدا في أربعة من عشرة ، فهو : مفرد ، مذكر ، معرفة ، مرفوع .
مسألة :
إذا كان المنعوت جمع مذكر لغير العاقل جاز في نعته أن يكون مفردا مؤنثا أو جمع مؤنث سالما ، نحو :
- هذه جبال شاهقة .
- هذه مسارب طويلة .
- هذه مسارب طويلات .
- هذه أخبار ملفقة .
- هذه أخبار ملفقات .
والأولى الإفراد .
إذا كان المنعوت جمع تكسيرا للعاقل جاز في نعته أن يكون مفردا مؤنثا أو جمع تكسير ، أو جمع مذكر سالما .
* قابلت أطفالا ذكية ،أذكياء ، ذكيين .
* رأيت جنودا وفية ، أوفياء ، وفيين .
اعتراض وجوابه :
اعترض على ذلك بقولهم : هذا جحر ضب خرب . فوصفوا المرفوع وهو الجحر بالمخفوض وهو خرب .
والجواب : أن أكثر العرب ترفع خربا ، ولا إشكال فيه ، ومنهم من يخفضه ، والسبب في ذلك مجاورته للمخفوض ن فانخفض بالمجاورة وأنشدوا ذلك .
إعطاء حكـم الشيء للمجـــاور أصــل مـــن قـواعــــد النــوادر
كمثل هذا جحر ضب خــــرب إذ قالــــه بالجر بعض العـــرب
وأنشـــــدوا في ذلك الجــــــوار قـــــد يؤخذ الجار بجرم الجــار
ثانيا : النعت السببي :
تعريفه :
هو ما لا ينعت الاسم السابق عليه على وجه الحقيقة – وإن كان الاسم السابق يسمى في الاصطلاح النحوي منعوتا أيضا – لكنه ينعت اسما ظاهرا يأتي بعده ، و يكون مرفوعا به مشتملا على ضمير يعود على الاسم السابق ، وهذا الاسم الأخير هو الذي يسمي السببي لأنه يتصل بالسابق بسبب ما .
مثاله : تقول : هذا رجل مجتهد ابنه ، فكلمة مجتهد وقعت نعتا والاسم السابق هو المنعوت ، ومن الواضح أن النعت هنا ينعت الاسم اللاحق المرفوع به المتصل به ضمير يعود على المنعوت.
ونعرب هذا المثال كالتالي :
هذا | اسم إشارة مبني على السكون ، في محل رفع مبتدأ . |
رجل | خبر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة . |
مجتهد | نعت مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة . |
ابنه | فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة وهو مضاف ، والهاء : ضمير متصل ، مبني على الضم في محل جر مضاف إليه . |
ومنه : هذا رجل محبوب ابنه .
هذا | اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ . |
رجل | خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة . |
محبوب | نعت مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة . |
ابنه | نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة ، وهو مضاف ، والهاء : ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه . |
حكمه :
النعت السببي يتبع المنعوت ( الاسم السابق ) في شيئين فقط.
1- الإعراب .
2- التعريف والتنكير .
ويتبع الاسم اللاحق في شيء واحد فقط هو التذكير أو التأنيث، تقول : هذا رجل مجتهد ابنه ، وهذا رجل مجتهدة ابنته .
· إذا كان الاسم اللاحق مفردا أو مثنى وجب إفراد النعت ، فنقول : هذا رجل مجتهد ابنه ، وهذا رجل مجتهد ابناه .
· إذا كان الاسم اللاحق جمع مذكرا سالما ، أو جمع مؤنث سالما فالأفضل أن يكون النعت مفردا ن فنقول : هذا رجل مخلص محبوه ، وهذا رجل مجتهد بناته .
· أما إذا كان جمع تكسير ، فإنه يجوز في النعت الإفراد ، أو الجمع ، فنقول : هذا وطن كريم أبناؤه ، وهذا وطن كرماء أو كرام أبناؤه .
قطع النعت عن التبعية :
* والنعت من حيث القطع أو الأتباع له حالتان :
الأولى : إذا كان المنعوت معلوما بدون النعت جاز في النعت الأتباع والقطع .
والأتباع هو : مماثلة النعت للمنعوت ، رفعا ، نصبا ، وجرا .
أما القطع فهو : إلغاء تبع النعت للمنعوت لسبب بلاغي ، بنصبه إذا كان مرفوعا ، ورفعه إذا كان منصوبا ، ورفعه أو نصبه إذا كان مجرورا .
- فإذا كان القطع من الرفع إلى النصب أعرب مفعولا به لفعل محذوف .
- وإذا كان من النصب إلى الرفع أعرب خبرا لمبتدأ محذوف.
مثال ذلك : جاء زيد الكريم .
فالكريم : منصوب بفعل مقدر ( أعني ، أو أمدح )
جاء | فعل ماض ، مبني على الفتحة الظاهرة . |
زيد | فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة . |
الكريم | مفعول به – لفعل محذوف تقديره : أعني أو أمدح – منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة . |
ومثله : جاء زيد البخيل .
جاء | فعل ماض ، مبني على الفتحة الظاهرة . |
زيد | فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة . |
البخيل | مفعول به منصوب بفعل محذوف ، تقديره : أعني أو أذم ، لأن البخيل ذم . |
ومثله : مررت بزيد المسكين .
المسكين : مفعول به منصوب إما بـ أعني أو بـ أرحم المحذوفة.
قال ابن هشام في ( شرح الشذور ) :
وإذا كان المنعوت معلوما بدون النعت ، نحو : مررت بامرئ القيس الشاعر جاز لك فيه ثلاثة أوجه : الإتباع فيخفض ، والقطع بالرفع بإضمار هو ، والنصب بإضمار فعل ، ويجب أن يكون ذلك الفعل أخص أو أعني في صفة التوضيح ، وأمدح في صفة المدح ، وأذم في صفة الذم ، فالأول كما في المثال المذكور ، والثاني في مثل قول بعض العرب : الحمد لله أهل الحمد – بالنصب – والثالث كما في قوله – تعالى -:﴿ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾ يقرأ في السبع حمالة الحطب بالنصب بإضمار ( أذم ) وبالرفع على الإتباع أو بإضمار ( هي ) .
قال ابن مالك :
واقطع أو اتبـع إن يكــــــــن معيـــــنا بدونــــــها أو بعضها اقطع معلنـا
الثانية :- من حالات القطع .
إذا كان النعت لا يعلم إلا بمجموع الصفات ، فإنه يجب الإتباع ولا يجوز القطع .
مثاله : مررت بمحمد الكاتب الشاعر الخطيب ، وذلك إذا كان الموصوف ( محمد ) يشاركه في اسمه ثلاثة يتصفون بصفتين من هذه الصفات ، فلا يعلم محمد الذي ترى وصفه إلا بالصفة الثالثة فيجب هنا الإتباع ، لأن النعت متمم لمعنى المنعوت .
* وإذا تعددت النعوت لمنعوت واحد ، وكان المنعوت متضحا بدونها كلها جاز فيها جميعا الإتباع والقطع وإن كان معينا ببعضها دون البعض وجب فيما لا يتعين إلا به الإتباع ، وجاز فيما يتعين بدونه الإتباع والقطع ([4])
قال ابن مالك :
وإن نعوت كثـرت وقـــــد تلت مفتقـــــــرا لـــذكــــــرهــن أتبعــــــت
فائدة :
* يأتي النعت شبه جملة أو جملة ، وفي هذا لابد أن يكون المنعوت نكرة ، ولابد أن تشتمل الجملة على ضمير يربطها بالمنعوت .
حضر | فعل ماض مبني على الفتح . |
طالب | فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة . |
في سيارة | جار ومجرور، وشبه الجملة في محل نعت لـ : ( طالب ) . |
*****
الخلاصة :
أن النعت هو التابع المشتق أو المؤول به المباين للفظ متبوعه.
المشتق هو اسم الفاعل ، والمفعول ، والصفة المشبهة ....إلخ.
والمؤول به اسم الموصول ، والإشارة ..........إلخ .
- وأهم أغراض النعت : توضيح المنعوت إن كان معرفة ، وتخصيصه إن كان نكرة ، ومدحه ، أو ذمه ، أو توكيده .
- وللنعت قسمان هما : الحقيقي ، و السببي :
- فالحقيقي : هو ما يدل على صفة في نفس متبوعه ، و السببي هو : ما لا ينعت الاسم السابق عليه بل ينعت شيئا هو بسبب منه .
- إذا كان المنعوت يتضح بدون النعت جاز فيه القطع والإتباع ، ويعرب المقطوع مفعولا به لفعل مقدر ، أو خبرا لمبتدأ محذوف .
- وكذلك إذا تعددت النعوت وكان المنعوت لا يتضح إلا بها وجب فيها الإتباع إن اتضح ببعضها دون البعض ، وجاز فيما لا يتضح به القطع والإتباع .
وقد تقدم الشرح والتمثيل فارجع إليه .
(1) ذكر تعريف النعت بأنه تابع يبين صفة متبوعه أو صفة سبب متبوعه.
(2) يشير إلى أن النعت لا بد أن يكون مشتقا أو شبيها بالمشتق .
(3) يشير – في البيتين – إلى حكم قطع النعت وأنه يجوز القطع إذا تعين الموصوف بدون النعت ، وحينئذ يجوز رفعه على أنه خبر لمبتدأ مقدر ، أو مفعول به لفعل مقدر .(4) شرح ابن عقيل : 2/204 ، وأوضح المسالك ، لابن هشام : 1/454
(5) في البيتين إشارة إلى وجوب الإتباع في النعوت المتعددة إذا كان المنعوت لا يتضح إلا بها وجواز الإتباع والقطع فيما يتعين بدونها .
|
http://alkuwarih.com/content/%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88
%D8%A7%D8%A8%D8%B9
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق