الأربعاء، ٢٣ شوال ١٤٣٢ هـ

السِّحْرَ


.
.

تعريف السحر في اللغة والاصطلاح && ) !!!

الإخوة أعضاء وزوار ( منتدى الرقية الشرعية ) حفظهم الله ورعاهم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

السحر لغة : عبارة عمى خفي ولطف سببه ، ومنه سمي السحر سحرا لأنه يقع خفيا آخر الليل ، كما ثبت من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من البيان لسحرا ) ( متفق عليه ) ، لما في البيان من قدرة من يتصف به على إخفاء الحقائق 0

قال ابن منظور : ( قال الأزهري : السحر عمل تُقُرِّب فيه إلى الشيطان ، وبمعونة منه ، كلّ ذلك الأمر كينونَة للسِّحر، ومن السحر الأخذة التي تأخذ العين حتى يظن أن الأمر كما يرى ، وليس الأصل على ما يرى ، والسحر الأخذة ، وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر 000 وأصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره ، فكأن الساحر – لما أرى الباطل في صورة الحق وخيل الشيء على غير حقيقته – قد سحر الشيء عن وجهه ، أي صرفه ) ( لسان العرب – مادة " سحر " – 4 / 348 )

قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله -: ( قال " أبو علي اللؤلؤي " بلغني عن أبي عبيد أنه قال " وإن من البيان لسحرا " كأن المعنى : أن يبلغ من بيانه : أن يمدح الإنسان فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله ، ثم يذمه فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله الآخر ، فكأنه سحر السامعين بذلك ) ( صحيح سنن أبي داوود - 3 / 945 ) 0

يقول الأستاذ راجي الأسمر : ( وتعود معاني السحر اللغوية إلى الخفاء واللَّطافة ، وإلى الخداع والتمويه ، وإلى التلهية ، والتعليل وإلى الصرف والاستمالة ، ومن هذه المعاني اللغوية عرف السحر في الاصطلاح ) ( السحر – حقيقته – أنواعه – الوقاية منه – ص 7 – 8 ) 0

وشرعا : هو عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والأبدان ، فتمرض وتقتل وتفرق بين المرء وزوجه ، قال تعالى : ( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 102 ) وقد أمر الله بالتعوذ من السحر وأهله ، فقال جل شأنه : ( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِى الْعُقَدِ ) ( سورة الفلق – الآية 4 ) ، وهن السواحر اللواتي ينفخن في عقد السحر ، والسحر له حقيقة ، ولذا أمرنا بالتعوذ منه ، وظهرت آثاره على المسحورين ، قال تعالى : ( وَجَاءُو بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ) ( سورة الأعراف – جزء من الآية 116 ) ، فوصفه بالعظم ، ولو لم تكن له حقيقة لم يوصف بهذا الوصف ، وهذا لا يمنع أن يكون من السحر ما هو خيال ، كما قال سبحانه عن سحرة فرعون : ( 000 يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ) ( سورة طه – جزء من الآية 66 ) ، أي : يخيل لموسى أن الحبال تسعى كالحيات من قوة ما صنعوه من السحر 0 وعليه فالسحر قسمان سحر حقيقي وسحر خيالي ، وهذا لا يعني أن الساحر قادر على تغيير حقائق الأشياء ، فهو لا يقدر على جعل الإنسان قردا أو القرد بقرة مثلا 0

والساحر ليس هو ولا سحره مؤثرين بذاتهما ولكن يؤثر السحر إذا تعلق به إذن الله القدري الكوني ، وأما إذن الله الشرعي فلا يتعلق به البتة ، لأن السحر مما حرمه الله ولم يأذن به شرعا ، قال تعالى : ( وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 102 ) 0

عرف الأحناف السحر فقالوا : ( السحر : هو علم يستفاد منه حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة لأسباب خفية 0

أو : هو قول يعظم فيه غير الله تعالى وتنسب إليه التقديرات والتأثيرات ) ( حاشية رد المحتار للمحقق محمد أمين الشهير بابن عابدين – 1 / 44 – 45 ، تبين الحقائق في شرح كنز الدقائق للزيلعي – 2 / 293 ) 0

وقد عرفه المالكية كتعريف الحنفية الأخير مع تغيير يسير في بعض الألفاظ مع اتحاد المعنى في كل منهما ، وقال عنه بعض المالكية : ( منه ما يكون خارقاً للعوائد ومنه ما لا يكون كذلك ) ( حاشية الدسوقي على الشرح الكبير – 4 / 302 ، الفروق للقرافي المالكي – 4 / 137 ) 0

وبعض المالكية يصرحون بأن السحر جنس يدخل تحته ثلاثة أنواع هي :

( النوع الأول : السيمياء : وهو عبارة عما يركب من خواص أرضية ، كدهن خاص أو مائعات خاصة أو كلمات خاصة توجب تخييلات خاصة وإدراك الحواس الخمس أو بعضاً منها لحقائق خاصة من المأكولات والمشمومات والمبصرات والملموسات والمسموعات 0

وقد يكون لذلك وجود حقيقي يخلق الله تلك الأعيان عند تلك المحاولات ، وقد لا تكون له حقيقة بل تخيل 0

وقد يستولي ذلك على الأوهام ويسلب الفكر الصحيح بالكلية وتصير أحوال الإنسان مع تلك المحاولات كحالات النائم من غير فرق ، ويختص ذلك كله بمن عمل له السحر ، أما من لم يعمل له فلا يجد شيئاً من ذلك إطلاقاً 0

النوع الثاني : الهيمياء : وهي كالسيمياء تماماً إلا أنها تمتاز عن السيمياء أن ما تقدم من المحاولات يضاف – عند الهيمياء – للآثار السماوية من الاتصالات الفلكية وغيرها من أحوال الأفلاك فيحدث جميع ما تقدم ذكره 0

النوع الثالث : بعض خواص الحقائق من الحيوانات وغيرها ، ومثل ذلك : يأخذ سبع من الحجارة ثم يرجم بها نوعاً معيناً من الكلاب ، وشأن هؤلاء الكلاب أنه إذا رمى بهذه السبع عضها كلها ثم يلقطها الرامي بعد ذلك ويطرحها في ماء فمن شرب منه ظهرت عليه آثار عجيبة خاصة نص عليها السحرة ) ( الفروق للإمام شهاب الدين أبي العباس أحمد بن إدريس الصنهاجي المشهور " بالقرافي " – 4 / 137 – 138 ) 0

وقد قالوا في هذا كلاماً كثيراً من حيث التأثير ونحن لا نريد أن نسعى وراء تلك الأراجيف 0

وقد عرفه الشافعية فقالوا : ( السحر : مزاولة النفوس الخبيثة لأقوال وأفعال ينشأ عنها أمور خارقة للعادة ) ( مغني المحتاج للعلامة الشربيني الخطيب – 4 / 120 ، حاشية الشرقاوي على التحرير للعلامة الشرقاوي – 2 / 385 ) 0


وقد عرفه الحنابلة فقالوا : ( السحر : عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئاً يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له ) ( كشاف القناع لفقيه الحنابلة البهوتي – 6 / 186 ، المغني لأبي محمد عبدالله بن قدامة – 8 / 150 ) 0

قال فخر الدين الرازي : ( السحر في عرف الشرع مختص بكل أمر يخفى سببه ويتخيل على غير حقيقته ، ويجري مجرى التمويه والخداع ) ( المصباح المنير - ص 268 ) 0

قال ابن قدامة : ( هو عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه ، ليعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له ، وله حقيقة فمنه ما يقتل ، وما يمرض ، وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها ، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه ، وما يبغض أحدهما إلى الآخر أو يحبب بين اثنين ) ( المغني - 10 / 104 ) 0

قال الحافظ بن حجر : ( السحر : هو صرف الشيء عن وجهه ، قال القسطلاني : أمر خارق للعادة ، صادر عن نفس شريرة لا تتعذر معارضته ، وهو بتأثيره نوع من الأمراض ، كما قال القرطبي : الحق أن لبعض أصناف السحر تأثيراً في القلوب كالحب والبغض وإلقاء الخير والشر ، وفي الأبدان بالألم والسقم ) ( إرشاد الساري – 8 / 401 ) 0

قال الجصاص : ( السحر : كلّ أمر خفي سببه ، وتخيل على غير حقيقته ، وجرى مجرى التمويه والخداع ) ( أحكام القرآن – 1 / 51 ) 0

قال النفراوي : ( قال ابن العربي : حقيقته أنه كلام مؤلف يعظّم به غير الله تعالى ، وتنسب إليه فيه المقادير والكائنات ) ( الفواكه الدواني – 2 / 200 ) 0

قال صديق بن حسن القنّوجي : ( " علم السحر " : هو علم يستفاد منه حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة بأشياء خفية قاله في كشاف اصطلاحات الفنون ) ( أبجد العلوم – 2 / 318 ) 0

قال العلماء : ( هو ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان مما لا يقدر عليه الإنسان ) ( نقلاً عن " حكم الإسلام في السحر ومشتقاته " – ص 17 ) 0

قال ابن خلدون في مقدمته : ( هو علم بكيفية الاستعدادات تقتدر النفوس البشرية به على التأثير في عالم العناصر ، إما بغير معين أو بمعين من الأمور السماوية ، والأول هو السحر ، والثاني هو الطلسمات ) ( نقلاً عن دائرة معارف القرن العشرين – لمحمد فريد وجدي – 5 / 55 ) 0

قال الشيخ محمد الأمين المختار الشنقيطي : ( اعلم أن السحر في الاصطلاح لا يمكن حده بحد جامع مانع ، لكثرة الأنواع المختلفة الداخلة تحته ، ولا يتحقق قدر مشترك بينها يكون جامعاً لها مانعاً لغيرها ، ومن هنا اختلفت عبارات العلماء في حدِّه اختلافاً متبايناً ) ( أضواء البيان ) 0

قال الدكتور عبدالسلام السكري المدرس بكلية الشريعة والقانون بدمنهور : ( بعد استقراء ما قاله علماء الشريعة في تعريفهم للسحر نجدهم أنهم لا يخرجون عن اتجاهات ثلاثة :
الاتجاه الأول : أن السحر خارق للعادة ويكتسب بالتعلم والتعليم 0
الاتجاه الثاني : أن السحر يشبه الخارق للعادة وليس بخارق لها على وجه الحقيقة 0
الاتجاه الثالث : أن السحر عبارة عن حيل وتخاييل وتمويهات وخداع 0
وهنا يتضح لنا أن من قال بأن السحر كله خيالات فهو على غير صواب ومن قال بأنه سحر حقيقي بمعاونة الشياطين أو غيرهم مطلقاً فهو أيضاً على غير صواب 0
وإذن يكون الصواب أن بعضه سحر حقيقي وهو الذي تعتريه جميع الأحكام الشرعية الخاصة بالسحر ، وبعضه الآخر شعوذة وهي ما نسميه مجازاً بالسحر وهي خدع وتمويهات لا حقيقة لها في الواقع ولا تعود بالضرر إلا على مستخدمها نفسه في بعض الأحيان كالحاوي الذي يستخدم في حيله وخداعه مواد كيمائية وهو جاهل بمؤثراتها واستخدامها العلمي لأنه ربما وقع في خطأ في الاستعمال نتج عنه ضرره ، لأن مادة الكيمياء تلعب دوراً كبيراً وخطيراً ومفيداً في نفس الوقت في كثير من أوجه النشاط الإنساني ) ( السحر بين الحقيقة والوهم في التصور الإسلامي - ص 37 - 38 ) 0

ثم يعرج الدكتور الفاضل على معنى السحر وشرح مفرداته فيقول : ( " السحر : عبارة عن أمور دقيقة موغلة في الخفاء يمكن اكتسابها بالتعلم تشبه الخارق للعادة وليس فيها تحد ، أو تجري مجرى التمويه والخداع تصدر من نفس شريرة تؤثر في عالم العناصر بغير مباشرة أو بمباشرة " 0

أمور دقيقة موغلة في الخفاء : قيد أول لإخراج الأمور الظاهرة ، فهي ليست من السحر كأحدث الصناعات الدقيقة المبتكرة وغيرها ، فهي ظاهرة واضحة 0

يمكن اكتسابها بالتعلم : قيد ثاني لإخراج المعجزة والكرامة وسائر الأمور الخارقة للعادة ، فالأولى لا تكتسب على إطلاقها والثانية مثلها أو بمجاهدة النفس ، أما السحر فاكتسابه ممكن لأي شخص شاء أن يتعلمه 0

تشبه الخارق للعادة : قيد ثالث لإخراج كل ما من شأنه الخارقية للمألوف من نواميس الكون 0

وليس فيها تحد : قيد رابع أتيت به على فرض صحة قول من قال بأن السحر خارق للعادة فإن كان كذلك وصح فهو قيد لإخراج المعجزة لأنها متحدية للخلق بأن يأتوا بمثلها ، وهنا يكون السحر من قبيل الاستدراج للفساق الذين يخرق الله العادة على أيديهم استدراجاً لهم 0

أو تجري مجرى التمويه والخداع : وهو قيد خامس لإبراز القسم الثاني من قسمي السحر وهو السحر المجازي " الشعوذة " تلك التي تقوم على الحيل والتمويه والخداع 0

تصدر من نفس شريرة : قيد سادس لإخراج النفس الطيبة الطاهرة فإنها بعيدة كل البعد عن هذا الخبث والفساد ، والنفس الطيبة كنفس النبي والولي فهما نقيتان كريمتان 0

تؤثر في عالم العناصر : قيد سابع لإثبات أن السحر يؤثر في العناصر كلها سواء كان إنساناً أم حيواناً وذلك كفن سحر الحيات والثعابين واصطيادها والسيطرة عليها ، وقد عرف هذا النوع من السحر وكان يمارس في بلاد الشرق منذ عصور موغلة في القدم 0 سواء كان وسيلة من وسائل التسلية أو طريقة لإبعاد الزواحف الخطيرة عن الإنسان والماشية 0

بغير مباشرة : كما يفعله السحرة من عقد للتفريق بين المرء وزوجته مثلاً 0

أو بمباشرة : كالسحرة الذين كانوا في بلاد المغرب فقد كانوا ينظرون إلى الإبل فتنبعج بطونها ، أو كمن يكتب على كفه ويسلم على إنسان معين ليعقده عن امرأته ليلة زفافه – على النحو الذي يفعله سخفاء الناس وأراذلهم ، خاصة في قرى الريف بقصد الإطعام من ليلة العرس وأخذ المال بغير حق 0 وهؤلاء لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم والله سبحانه أعلم ) ( السحر بين الحقيقة والوهم في التصور الإسلامي - ص 38 - 39 ) 0

قلت : وهذا التعريف وشرح مفرداته للدكتور الفاضل عبدالسلام السكري – حفظه الله – يبين بما لا يدع مجالاً للشك النظرة المتبصرة المتأملة للكاتب في تعريفه للمعنى الحقيقي للسحر ، وهي نظرة شمولية بينت بدلالة أكيدة واضحة المنهج السلفي في تعريف هذا العلم الخطير الذي لا يمارسه إلا أصحاب النفوس الخبيثة المتأصلة على الخبث والمكر وحب الشر 0

قال الأستاذ محمد محمد جعفر : ( السحر هو : العمل الذي يقوم به شخص معين تتوافر فيه شروط مخصوصة تحت ظروف واستعدادات غير مألوفة وبطرق سرية غامضة ، وذلك للتأثير على شخص أو جملة أشخاص رغم إرادتهم لتحقيق غرض معين له أو موصى به ) ( كتاب " السحر " ) 0

قال الدكتور أحمد بن ناصر الحمد بعد أن جمع جملة من التعريفات : ( وأقدم هذا التعريف أستخلصه من جملتها فأقول : السحر : هو المخادعة أو التأثير في عالم العناصر ، بمقتضى القدرة المحدودة بعين من الجن ، أو بأدوية إثر استعدادات لدى الساحر 0
ثم قال : وأرى في هذا شمولاً ، لما كان من السحر عن طريق التخييل ، والمخادعة ، وما كان منه حقيقة يؤثر بالهمة ، أو بمعين من الشياطين ، أو بدعوى موافقة مزاج الأفلاك والعناصر ، أو نحو ذلك ، والله أعلم ) ( كتاب السحر بين الحقيقة والخيال – ص 17 ) 0

قال الأستاذ أحمد عطية الله : ( السحر في الاصطلاح هو : تصوير الباطل بصورة الحق ، أو السحر هو : ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان ممّا لا يقدر عليه الإنسان 0
وقال أيضاً : السحر : فعل يقوم على خداع الحسّ ، يقال في اللغة سحره بكذا ، أي خدعه وسلب لبّه ، وسحر عينيه بمعنى خيِّل إليه ما ليس في الواقع ، وسحره كذلك يكون بمعنى استماله أو أفسده 0 والمقصود أنَّ المسحور يكون واقعاً تحت تأثير شخص آخر "وهو الساحر وجمعه سحرة " له قدرة على تكييف إدراكه للأشياء التي تحدث أمامه ويعجز عن اكتشاف أسبابها ) ( القاموس الإسلامي – مادة " سحر " ) 0

قال الأستاذ جمال محمد سرحان : ( ولقد تنازع العلماء في حقيقة السحر وأنواعه والأكثرون منهم يقولون أنه يؤثر في المسحور بل في موت المسحور ومرضه من غير وصول شيء ظاهر إليه ) ( السحر والشعوذة – طرق وعلاج – ص 7 ) 0

وبعد هذا العرض الشامل للعلماء والباحثين لمفهوم السحر فإني أقدم تعريفاً شاملاً للسحر الحقيقي فأقول :

( السحر الحقيقي : عبارة عن رقى وطلاسم وتعاويذ يعظم فيها غير الله وغالباً ما تكون كفرية ، يستفاد منها في حصول ملكة نفسية ، يقوم بها شخص بذاته يكتسبها بالتعلم وتتوفر فيه صفات خاصة معينة ، ويتم كل ذلك تحت ظروف غير مألوفة وبطرق خفية دقيقة ، وتصدر هذه الأفعال من نفوس شريرة تتقرب إلى الشيطان لتحصيل ما لا يقدر عليه الإنسان ، وتؤثر تأثيراً مباشراً في عالم العناصر ، فيحدث من خلالها تأثيراً في القلوب كالحب والبغض وإلقاء الخير والشر ، وفي الأبدان بالألم والسقم والموت ويحصل ذلك على فرد أو مجموعة أفراد رغم إرادتهم لتحقيق هدف معين ) 0

هذا ما تيسر لي بخصوص التعريف العام للسحر لغة واصطلاحاً ، مع تمنياتي للجميع بالصحة والسلامة والعافية



أولاً: تعريف السحر لغة واصطلاحاً
السحر في اللغة هو: كل شيءٍ خفي سببه ولطف ودق. يقول أبو عبيد : وأصل السحر في اللغة هو الصرف، أي: صرف الشيء عن حقيقته، قال الله تعالى: فَأَنَّى تُسْحَرُونَ [المؤمنون:89] أي: فأنى تصرفون، يقول: وقد يكون الصرف للعين وهو الأُخذة أي: أن تؤخذ العين فلا ترى الشيء على حقيقته التي هو عليها في الواقع، وقد يكون الصرف للقلب من الحب إلى الكره، ومن الكره إلى الحب، ومن البغض إلى الحب، وهكذا. وقد يكون الصرف بالقول الحلال، ألا وهو البيان والحديث كما ورد في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من البيان لسحراً) فالصرف أن يحب هذا فيبغضه عن طريق السحر، وهذا الرجل يحب زوجته فيبغضها، وقد يكون الصرف للعين فترى العين الشيء على غير حقيقته التي هو عليها في الواقع، وقد يكون الصرف للعقول وللقلوب بالقول والبيان الدقيق المنمق. ولم يفرق بعض العلماء بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي للسحر كما نسج في ذلك الإمام الكبير الفخر الرازي ، وإن كنا نعلم أنه من أكابر علماء المعتزلة إلا أنه قال: إن السحر في عرف الشرع هو كل أمرٍ يخفى سببه ويتخيل على غير حقيقته في الواقع ويجري مجرى التمويه والخداع، وقد سار على ضربه ووافقه في ذلك الإمام الكبير أبو بكر الجصاص ، وهؤلاء وغيرهم ممن يقولون: إن السحر خيالٌ وتخييل ولا حقيقة له في الواقع، وسوف أرد عليهم إن شاء الله جل وعلا. هذا هو الرأي الأول الذي يقول بأن السحر في الاصطلاح: تخييل ورؤية الأشياء على غير حقيقتها، وتمويه وخداعٌ. أما الرأي الثاني وهو رأي جمهور أهل السنة والجماعة ، والذي يعرفه الإمام القدير ابن قدامة في كتابة الكبير المذهل المغني مع الشرح الكبير في المجلد العاشر إذ يقول: والسحر عقدٌ ورقى وكلامٌ يتكلم به الساحر أو يكتبه أو يعمل شيئاً فيؤثر في بدن المسحور من غير مباشرة له، وله (أي: وللسحر) حقيقة فمنه، (أي: من السحر)، ما يقتل -ومازال الكلام لـابن قدامة - فمن السحر ما يقتل ومنه ما يمرض وما يأخذ الرجل عن أهله فيمنعه وطأها، ومن السحر ما يفرق بين الزوج وزوجه ومنه ما يحبب بين اثنين. هذا تعريف السحر عند علماء أهل السنة والجماعة ، إذاً فمذهب جمهور السلف أن السحر ليس تخييلاً ولكنه حقيقة له واقعٌ ملموسٌ محسوسٌ مشاهد، فمنهم من قال: بأنه تخييل، ومنهم من قال: بأنه حقيقة. ومن ثم -يا أحبابي- يجب علي هاهنا أن أفرق لكم بين ثلاثة أشياء خطيرة ألا وهي: السحر والكرامة والمعجزة، حتى لا تختلط الأوراق وتتلابس وتتشابك الأمور. ما الفرق بين السحر والكرامة والمعجزة؟ السحر اتفاق وعقدٌ مبرمٌ بين ساحرٍ وشيطان، بشرط أن يزداد الساحر كفراً لله وعبادة للشيطان، وكلما ازداد الساحر كفراً وزندقة وانحلالاً ازداد الجني أو الشيطان طاعة لهذا الساحر، هذا هو عقد السحر. أما الكرامة فلا تكون إلا لولي. والمعجزة لا تكون إلا لنبي. وجماعهما الأمر الخارق للعادة كما قال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى في المجلد الحادي عشر في بحثٍ قيمٍ مبدع لمن أراد أن يطَّلع عليه، الكرامة للولي، والمعجزة للنبي ومن ثم يجب أن نفرق أيضاً بين أولياء الرحمن، وبين أولياء الشيطان، فإن ولي الشيطان يحدث الشيطان له خرقاً للعادة ليفتن الناس وليضلهم عن التوحيد والهدى، ومن ثم إذا رأيتم الرجل يطير في الهواء ويمشي على الماء وهو غير متبعٍ لشرع المصطفى فاشهدوا له بالكفر فإنه ولي من أولياء الشيطان. أما أولياء الرحمن فهم الذين يجري الله على أيديهم أموراً خارقة للعادة وهم لا يريدونها ولا يحبون إظهارها، ومن ثم قال الله جل وعلا: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62] من هم أولياء الله؟ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63] فالولي هو المؤمن التقي الذي يوحد الله حق توحيده، ويعبد الله حق عبادته ويخلص عمله لله ويخلص اتباعه لسيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلما ازداد تُقاً وقُرباً قد يجري الله على يديه أمراً خارقاً للعادة، والولي لا يريد إظهاره، ذلك ولا يحب إظهار ولذا قال أحد السلف: النفس تتمنى الكرامة وتأبى الاستقامة، والله جل وعلا قد أمرها وطلب منها الاستقامة ولم يطلب منها الكرامة، فولي الرحمن بخلاف ولي الشيطان. أما المعجزة فهي لا تكون إلا للنبي، وقد فرق بعض أهل العلم من علماء السلفبين الكرامة والمعجزة؛ أن الكرامة قد يجريها الله إذا شاء على يد ولي من أوليائه، ولكن المعجزة يجريها الله على يدي رسولٍ من رسله في مقام التحدي، في مقام إظهار الرسالة، وإظهار النبوة لهذا النبي الذي يتحدى قومه، ومن ثم تحدى موسى قومه بما برعوا فيه ومن جنسه بالسحر، برع قومه في السحر فأمده الله بعصا تنقلب إلى حية عظيمة تلقف ما يأفكون. وأمد الله النبي محمداً صلى الله عليه وسلم بمعجزةٍ من جنس ما برع فيه قومه، برع قومه في البلاغة والفصاحة والبيان فأعطاه الله جل وعلا القرآن الذي تحدى به البشرية كلها بل وما زال التحدي قائماً إلى يوم القيامة فقال: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ [البقرة:23-24] فأمده الله بالقرآن فسجد المشركون في محراب بلاغة وفصاحة كلام الحق جل وعلا، ولا يتسع الوقت للتدليل على هذا. وهكذا أيها الأحبة! فالمعجزة من النبي من باب التحدي لهؤلاء الذين أرسل إليهم وبعث فيهم، يجري الله على يديه أمراً خارقاً للعادة وخارقاً لنواميس وقوانين هذا الكون ليثبت لهم أنه مرسلٌ من قبل الله جل وعلا. وأنتم تعلمون أن النار قانونها هو الإحراق، ويأبى الله إلا أن يحول هذا القانون وأن يسلبه من النار حينما ألقى المشركون إبراهيم في النار فقال الله جل وعلا: يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء:69]. وتعلمون أن قانون المياه هو الإغراق لا سيما إذا ما وضع شيءٌ في الماء تزيد كثافته عن كثافة الماء، فسرعان ما يسقط ويهوي، ولكن ما الذي حدث؟ جعل الله عنصر الإغراق وعنصر الإهلاك عنصر حياةٍ وأمن وأمان لنبي من أنبيائه فأوحى الله جل وعلا إلى أم موسى: فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ [القصص:7]. فالمعجزة شيءٌ خارق للعادة ولقوانين ونواميس هذا الكون، يجريها الله على يد رسول من رسله، ونبي من أنبيائه في مقام التحدي لهؤلاء القوم الذين أنكروا رسالته، وأنكروا نبوته من قبل الله جل وعلا. إذاً أيها الأحبة! من العلماء من قال: إن السحر تخييل لا حقيقة له، ومنهم من قال: بأن السحر حقيقة لا تخييل.
محمد حسان

 أنواع السحر وأقسامه

مُساهمة  طارق فتحي في الثلاثاء فبراير 08, 2011 2:47 am
جمع وتأليف : طارق فتحي

أن للسحر عدة أنواع وعدة أشكال وبعضها معروف وبعضها غير معروف والبعض من العلماء ذكر سبعة أنواع والبعض زاد عليها لكن الذي أرجحه أن السحر ليس له حد معلوم ولا نوع معلوم فالشر واسع النطاق وأحوال الناس مختلفة وكل يؤثر السحر فيه بطريقة تختلف عن غيره وكل يعمل السحر حسب حاجته له وغايته منه ولكن سنذكر أشهر أنواع السحر المتعارف عليها بين الناس . فنقول وبالله التوفيق :

أقسام السحر

أولاً :سحر التفريق :
وهو أشهر أنواع السحر وهو السحر الذي يعمله الساحر ليفرق بين الناس ( بين المرء وزوجه ، بين الرجل وأبيه أو أمه ، أو بين الأخوة والأصدقاء وبين الناس جميعا ) وهذا الذي جاء ذكره في القرآن الكريم في قول الله تعالى (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ)(البقرة: من الآية102) 
وهذا النوع من السحر يظهر تأثيره بسلوك المسحور وطبائعه فيصبح شخصا مختلفا متغيرا بفعل السحر حتى يبغضه ويكرهه من عمل السحر من أجله ويؤدي إلى نفور شديد بل إن من أحواله تمثل الشياطين بشخص المسحور من أجله فيكرهه الآخر كرها شديدا ويراه شخصا آخر فيزداد نفورا 

ثانياً : سحر المحبة ( التولة )
وهو السحر الذي يعمل لتسخير شخص ما بالمحبة لغيره من أجل تحقيق غاية وحاجة منه ومنه ما يعمل للمراة حتى تحب الرجل أو للرجل حتى يحب المرأة وغيرها مما يعمل من أجله هذا النوع من السحر وغالبا ما يعمل هذا السحر من أجل الحصول على الغايات فتجد بعض النساء تعمل السحر لزوجها حتى يكون طوع أمرها في كل شيء ومنها من تعمل السحر حتى لا يتزوج عليها وعلى هذا الشكل وهناك من يعمل السحر لشخص ما لسلب ماله والتحكم به كيف يشاء 

ثالثاً : سحر التخييل والجنون والمرض والخمول والهواتف
وهذه الأنواع كلها واحدة في معناها وهو السحر الذي يعمل لأذية شخص ما كل الغاية إيذاء هذا الشخص ويتم ذلك عن طريق النفث من قبل الشيطان وهو شبيه بالمس وهي أنواع ترهق الإنسان حتى يفقد عقله أو يموت

رابعاً: سحر التعطيل عن الزواج 
وهذا من أشهر أنواع السحر المنتشر هذه الأيام وهو يعمل على ضربين الأول لتعطيل الفتاة عن الزواج والثاني لتعطيل الشاب عن الزواج وهذا كثير الانتشار هذه الأيام أعاذنا الله وتعالى منه 
فترى الفتاة أو الشاب يبلغ الثلاثين وأكثر دون زواج وكلما تقدم للفتاة عريس تجده يفر ولا يرجع دون سبب وكذلك الشاب يطرق ألف باب دون أن يتيسر زواجه

خامساً:سحر الربط عن الجماع 
وهذا من اخطر أنواع السحر أيضا فيعمل للرجل حتى يربط ذكره فلا يقدر على جماع زوجته مما يؤدي لفقد أعصابه ونرفزته وقد يصل الحال إلى الطلاق وهذا السحر قد يعمل للرجل وقد يعمل للمرأة ( قد تربط المرأة وقد يربط الرجل ) 

سادساً : سحر العقم أو العقر
وهذا النوع يعمل لمنع الخلفة والذرية إما للرجل وإما للمراة فلا تنجب ولا تخلف أبدا وقد مرت علينا حالات كثيرة جدا من هذا فتجد أصحابها من طبيب لطبيب ويكون السبب هو السحر 

هذه أشهر أنواع السحر المعروفة وكما قلت هناك أنواع أخرى كثيرة جدا ولها أعراض لا يعلم بها إلا الله تعالى 
وقد ذكر الحاج التلمساني في كتابه شموس النوار الكبرى أنواع السحر وعدد منها ثلاثين نوعا هي :
1. سحر ليمقت الرجل زوجته ويكرهها فيراها في غير صورة
2. سحر لتمقت المرأة زوجها وتكرهه فتراه في غير صورة 
3. سحر يعمل للمراة الثيب فلا تتزوج 
4. سحر يعمل للبكر فلا تزوج 
5. سحر يصنع للرجل فيبغض أهل بيته ولا يطيقهم
6. سحر يصنع للغنم فتموت أولادها
7. سحر يصنع للبهائم فيمرضها 
8. سحر يصنع فيسقط جنين الغنم
9. سحر يصنع للبقرة فلا تحلب
10. سحر يصنع لموت أولاد الإنسان وهم في بطون أمهاتهم أجنة
11. سحر يصنع لموت الأولاد وهم أطفال صغار 
12. سحر يصنع للمراة فلا تلد إلا الإناث
13. سحر يصنع للرجل فيعقد عن زوجته
14. سحر يصنع للعروس فتبغض عريسها ليلة العرس
15. سحر يصنع للمرأة فتبغض الجماع من زوجها
16. سحر يصنع للرجل فتمرض مفاصله فلا يقوى على شيء
17. سحر يصنع للمراة فتجد ماء في رأسها وبطنها
18. سحر يصنع للمراة فيراها زوجها بصورة قبيحة
19. سحر يصنع ليعقد المرأة عن الحمل 
20. سحر يصنع لتلف الأموال كالمواشي والبهائم والزروع
21. سحر يصنع للتفريق بين الزوجين
22. سحر يصنع للفتنة والتفريق بين أهل البيت الواحد 
23. سحر يصنع للرجل أو المرأة فيتسلطون عليه الجن فيمرضوه
24. سحر يصنع للرجل حتى يحقر ولا يميز بين الناس
25. سحر يصنع للرجل فيهبط من مرتبته ويفقد مكانته بين الناس
26. سحر يصنع لرجل حتى يفقد ماله ويخسره
27. سحر يصنع للمراة فلا تقعد عند زوج واحد تطلق وتتزوج 
28. سحر يصنع لترحيل الرجل من بلده
29. سحر يصنع للمراة الجميلة فتصبيح قبيحة بأعين الناس
30. سحر يصنع للرجل أو المرأة لذهاب عقله

هذه هي أشهر أنواع السحر وكل واحد منها له علاج وقد يتشابه الكثير منها في الأعراض والعلاج 
أسأل الله العظيم أن يعافينا ويعافي جميع المسلمين آمين 

علاج السحر وطرقه ووسائله
السحر هو من اخطر الأمراض التي تصيب الإنسان نسأل الله العافية منه ومن غيره وهو كما تبين عدة أنواع وأشكال فكما أن للسحر عدة طرق وأشكال كذلك فإن لعلاج السحر عدة طرق وأشكال وكل سحر له طريقة خاصة به وهناك علاج واحد لعدة أنواع واهم هذه الطرق :
1. إحضار السحر وجلبه وهذه أفضل طريقة ولها عدة أشكال وعدة وسائل سنتحدث عنها بشكل مفصل 
2. العلاج بالقرآن الكريم وهذا هو العلاج النبوي الذي وصفه الحبيب صلى الله عليه وسلم وله عدة أشكال أيضا ووسائل وكيفيات سنبينها بمكانها
3. العلاج بالطب النبوي كالعسل والزيت والحبة السوداء وهذه أيضا من الطرق الطيبة فقد وردت أحاديث كثيرة تتحدث بهذا وسنبين الكيفية 
4. مجربات العارفين وهي طرق وردت عن العلماء والعارفين من أدعية وأذكار وتعويذات وأعشاب وغيرها مما ينفع لعلاج السحر وغيره
5. العلاج بالطرق الروحانية المعروفة وهي استخدام بعض الدعوات والأقسام الروحانية للقضاء على السحر وهذه تستخدم للقضاء على شياطين السحر
6. العلاج بالحجامة وهذه من الطرق الطيبة فقد اخبر الحبيب صلى الله عليه وسلم أنها شفاء من كل داء وهي خاصة بالسحر الذي يمرض البدن
وسنشرع إن شاء الله تعالى بالحديث عن كل طريقة وكيفيتها وما يتعلق بها 

الطريقة الأولى
إحضار السحر وإبطاله

اعلم أن أفضل طريقة وأسرع طريقة وانجح طريقة للخلاص من السحر هي إحضاره وإبطاله وهي الطريقة التي أبطل بها سحر النبي صلى الله عليه وسلم
وذلك بالنسبة للسحر المكون من آثار المسحور وبعض الأمور التي تستخدم في السحر كالأمشاط والمعادن والشعر والخيوط والعظام والأوراق التي تكتب عليها طلاسم السحر والإبر والقماش وما شابه ذلك 
أما السحر الذي يتم عن طريق الطعام والشراب والنفث ورش الماء فلا خلاص منه إلا بطهارة الجسم من آثاره بالقرآن الكريم والأدعية الطيبة وسنتحدث عن طريقة علاج هذا السحر فيما سيأتي إن شاء الله تعالى
وإحضار السحر يكون على شكلين وكل شكل منهما له عدة وسائل :
الشكل الأول : إحضار السحر من مكانه أياً كان عن طريق الخطف والجلب 

الشكل الثاني : معرفة المكان الموجود فيه السحر والذهاب لاستخراجه منه 

الشكل الأول لإحضار السحر
إحضاره من مكانه أيا كان عن طريق الخطف والجلب وهذا يحدث بعدة وسائل هي :
1. أن يكون المعالج رجلا صالحا من أولياء الله تعالى أكرمه الله تعالى بمدد منه وأعطاه مقدرة وعلما يستطيع من خلالهما أن يحضر السحر من أي مكان وهو في مكانه دون أن يتحرك كما فعل وزير سليمان عليه السلام آصف بن برخيا عندما أحضر لسليمان عرش بلقيس من اليمن وهذه الطريقة أفضل طريقة وأسماها وقل وجودها في هذا الزمان وهي ممكنة عقلا وشرعا ولا ينكرها إلا جاهل

2. أن يكون المعالج له باعا طويلا في العلوم الروحانية كعلم الحرف والأوفاق والدعوات والأقسام وغيرها من أمور الاستخدام وليس بالضرورة أن يكون مستخدم الجن ساحرا فثمة فرق بين استخدام الجن والسحر وهذه الطريقة موجودة ومشهورة كثيرا فيستطيع بعلمه هذا أن يحضر السحر أيا كان مكانه

3. أن يتم إحضار السحر عن طريق ساحر آخر وهذه ممكنة وموجودة ويلجأ لها الكثير من الناس وقد اختلف العلماء فيها ولبيان حكمها راجع زاوية علاج السحر ستجد موضوعين يتكلمان عن هذا على هذين الرابطين:
مسألة حل السحر عن المسحور بسحر مثله 
الذهاب للساحر لحل السحر وإبطاله 
الشكل الثاني لإحضار السحر

معرفة المكان الموجود فيه السحر والذهاب لاستخراجه منه وإبطال السحر وهذا يحدث بعدة وسائل أيضا وهي :
1. أن يكون المعالج صالحا ورعا تقيا جعل الله له نورا يرى به وفراسة يعرف بها بإذن الله تعالى ما ينفع الناس كما قال الله تعالى في الحديث القدسي : (كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ) فيعرف بفراسة بمدد من الله تعالى مكان السحر فيخبر بذلك فيستخرج من مكانه ويتلف ليبطل السحر وهذه من أفضل الطرق وقد قل وجود هؤلاء الرجال رضي الله عنهم 

2. معرفة مكان وجود السحر عن طريق الجني الموكل بالسحر وذلك باستخدام الرقية الشرعية على المريض حتى ينطق الجني ويخبر بمكان السحر فيستخرج ويتلف ليبطل السحر وهذه الطريقة معروفة ومشهورة عند الكثير من المعالجين بالقرآن الكريم وهي نافعة ومجدية 

3. معرفة مكان السحر عن طريق العلوم الروحانية المعروفة عند أصحاب هذا العلم وكيفيتها أن يعرف المعالج مكان السحر عن طريق خدام بعض الدعوات والأقسام والأسماء وعلم الحرف والأوفاق وهي طريقة مختلف بشرعيتها هناك من أجازها وهناك من حرمها 

4. معرفة مكان السحر عن طريق ساحر يستطيع بسحره وخدامه من الشياطين معرفة مكان السحر فيستخرج ويتلف وقد ذكرت فيما مضى ما يتعلق بحكمها 


5. معرفة مكان السحر عن طريق بعض الصلوات كصلاة الحاجة والاستخارة ويسمى الكشف المنامي وطريقتها أن يصلي المعالج أو صاحب الحاجة ركعتين ولها كيفيات معينة وأدعية خاصة نقلت عن العارفين والصالحين وسنذكرها كلها إن شاء الله تعالى فيريه الله تعالى في منامه مكان السحر وهذه طريقة سهلة وميسرة للجميع لكن نجاحها يتوقف على درجة صفاء الروح والنفس والقلب والتعلق بالله تعالى

6. البحث عن السحر في بيت المريض أو حانوته أو مكان عمله أو أرضه وتفتيشها عسى أن يجد السحر في مكان ما فيبطل ويتلف

هذا ما يتعلق بعلاج السحر عن طريق إحضاره واستخراجه وهي أفضل الطرق وأنجحها 

ملاحظة هامة : 

ينبغي أن يتحرى المريض أهل الخير والصلاح للعلاج ولا يلجا لأهل الشعوذة والسحر فهؤلاء ضررهم أكبر من نفعهم ولا يساعدونك إلا ابتغاء مصلحة دنيئة كجني المال وبالتالي الخير عندهم معدوم ومتوقف على ما ينالونه وربما وقعت فريسة عندهم فيسكن ما بك فترة ثم ترجع في شبكة صيدهم وهذا الذي يحدث كثيرا وبالذات النساء فلا يجوز أن نعالج النساء عند هؤلاء حفاظا على أعراضنا مع العلم أن من أجاز الذهاب إليهم اشترط شروطا تجدها في الموقع مفصلة وبعد اليأس من الشفاء على أيدي من نعرفهم من أهل الخير 

جاء الإسلام ليحفظ للناس دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم وعقولهم، وجعل هذه الضرورات الخمس قواعد الخلق في رعاية مصالحهم ودفع مضارهم، فحرّم كل اعتداء عليها، فحرم الكفر والردة لإخلالها بأصل الدين، وحرم قتل النفس بغير حق، وحرّم الاعتداء على الأموال والأعراض والأنساب، وحرّم الاعتداء على العقول بكافة أنواع المسكرات الحسية والمعنوية .
والسحر لم يأت على قاعدة من هذه القواعد إلا وأفسدها، فالسحر والكفر قلما يفترقان، والسحر سبيل لتبذير المال وتضييعه، وهو مفسد للذرية بتفريق رباط الأسرة، وهو مدخل للزنا والاعتداء على الأعراض؛ وهو كذلك سبيل لاغتيال العقول وطمسها، فلا غرو حينئذ أن يقف الإسلام من السحر وأهله موقفا صارماً فقد حرم تعلمه وتعليمه، وأوجب كف الساحر عن سحره، وإقامة الحد عليه تطهيرا للمجتمع من شره ودجله، وحرم على الناس الذهاب إلى السحرة والاستعانة بهم .
وبين يديك - أخي القارئ – جملة من أحكام الشريعة الإسلامية، التي تبين لك كيف وقف الإسلام من السحر وأهله، وكيف تعامل مع أعمالهم وإفسادهم .
حكم تعلم السحر وتعليمه :
اتفق العلماء على أن تعلم السحر وتعليمه وممارسته حرام، قال ابن قدامة - رحمه الله - في "المغني" "...فإن تعلُم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم" وقال الإمامالنووي رحمه الله في "شرح مسلم": " وأما تعلمه – أي السحر - وتعليمه فحرام ".
ورغم اتفاقهم على حرمة تعلم السحر وتعليمه وممارسته إلا أنهم اختلفوا في تكفير فاعله، فذهب جمهور العلماء ومنهم مالك وأبو حنيفة وأصحاب أحمد وغيرهم إلى تكفيره .
وذهب الشافعي إلى التفصيل، فإن كان في عمل الساحر ما يوجب الكفر، كفر بذلك، وإلا لم يكفر.
واستدل الجمهور القائلون بكفر الساحر بقوله تعالى: { وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر } قال الحافظ في "الفتح": " فإن ظاهرها أنهم كفروا بذلك، ولا يكفر بتعليم الشيء إلا وذلك الشيء كفر، وكذا قوله في الآية على لسان الملكين: { إنما نحن فتنة فلا تكفر } فإن فيه إشارة إلى أن تعلم السحر كفر فيكون العمل به كفرا وهذا كله واضح ".
واستدل الشافعية بما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) متفق عليه . قالوا: دل الحديث على أن السحر ليس من الشرك بإطلاق، ولكن منه ما هو معصية موبقة كقتل النفس وشبهها .
واستدلوا أيضاً بما روي عن عائشة رضي الله عنها أن مدبَّرة لها سحرتها استعجالاً لعتقها فباعتها عائشة ولم تقتلها " رواه الشافعي والحاكم والبيهقي وصححه الحاكم على شرط الشيخين . قال ابن قدامة تعليقا على أثر عائشة : " لو كفرت لصارت مرتدة يجب قتلها ولم يجز استرقاقها " .
قال الشيخ الشنقيطي : " التحقيق في هذه المسألة – يعني تكفير الساحر - هو التفصيل . فإن كان السحر مما يعظم فيه غير الله كالكواكب والجن وغير ذلك مما يؤدي إلى الكفر فهو كفر بلا نزاع، ومن هذا النوع سحر هاروت وماروت المذكور في سورة " البقرة " فانه كفر بلا نزاع .. وإن كان السحر لا يقتضي الكفر كالاستعانة بخواص بعض الأشياء من دهانات وغيرها فهو حرام حرمة شديدة ولكنه لا يبلغ بصاحبه الكفر. هذا هو التحقيق إن شاء الله تعالى في هذه المسألة التي اختلف فيها العلماء ."
عقوبة الساحر
اختلف أهل العلم في عقوبة الساحر فذهب الحنفية إلى أن الساحر يقتل في حالين: الأول: أن يكون سحره كفرا, والثاني: إذا عرفت مزاولته للسحر بما فيه إضرار وإفساد ولو بغير كفر . وذهب المالكية إلى قتل الساحر, لكن قالوا: إنما يقتل إذا حكم بكفره , وثبت عليه بالبينة لدى الإمام , وعند الشافعية: إن كان سحر الساحر ليس من قبيل ما يكفر به, فهو فسق لا يقتل به، إلا إذا قتل أحداً بسحره عمداً فإنه يقتل به قصاصاً .
وذهب الحنابلة إلى أن الساحر يقتل حداً ولو لم يقتل بسحره أحدا, لكن لا يقتل إلا بشرطين: الأول: أن يكون سحره مما يحكم بكونه كفرا مثل فعل لبيد بن الأعصم , أو يعتقد إباحة السحر . الثاني: أن يكون مسلماً, فإن كان ذميا لم يقتل ; لأنه أقرَّ على شركه وهو أعظم من - السحر , ولأن ( لبيد بن الأعصم اليهودي سحر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقتله ) .
واستدل من رأى قتل الساحر بأنه مرتد، والمرتد كافر وحكمه القتل، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من بدل دينه فاقتلوه ) رواه البخاري .
وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب كتاباً قبل موته بسنة " أن اقتلوا كل ساحر وساحرة " قال الراوي: فقتلنا ثلاث سواحر في يوم . رواه أحمد وأبو داود .
كما روي قتل السحرة عن عدد من الصحابة منهم عثمان وابن عمر وأبي موسى وقيس بن سعد ، ومن التابعين سبعة منهم عمر بن عبد العزيز .
قال الشيخ  الشنقيطي : " والأظهر عندي أن الساحر الذي لم يبلغ به سحره الكفر ولم يقتل به إنسانا أنه لا يقتل . لدلالة النصوص القطعية ، والإجماع على عصمة دماء المسلمين عامة إلا بدليل واضح . وقتل الساحر الذي لم يكفر بسحره لم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتجرؤ على دم مسلم من غير دليل صحيح من كتاب أو سنة مرفوعة غير ظاهر عندي. والعلم عند الله تعالى، مع أن القول بقتله مطلقا قوي جدا لفعل الصحابة له من غير نكير " .
فك السحر بالسحر ( النشرة )
اتفق الفقهاء على أن حل السحر بالرقى والأوراد الشرعية جائز ومشروع، أما حل السحر بسحر مثله فمحرم؛ لأنه لا يخرج عن كونه سحراً محرماً كغيره من أنواع السحر، قال ابن القيم : حل السحر بسحر مثله من عمل الشيطان, فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل العمل عن المسحور، ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن النشرة ؟ فقال : ( هي من عمل الشيطان ) ذكره أحمد وأبو داود .
هذه بعض أحكام السحر تعلماً وتعليماً وممارسةً وهي أحكام صارمة، القصد منها التنفير عن هذا الفعل الشنيع واجتنابه، وحماية الناس من شره ومفاسده، فكم جلب السحر على الناس من شرور، وأوقع بينهم من عداوات، وأورث بينهم من أحقاد، وكم هدم من أسر، وأدخل من ضرر على العباد، ولا يمارسه إلا من باع دينه وذهب خلقه: { ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون } فينبغي للعاقل أن يجتبه أشد الاجتناب فلا يتعلمه مشافهة ولا قراءة من كتاب، ولا يأت ساحراً ولا يسأله فما وراءهم إلا الدمار والهلاك .


خطورة السحر والشعوذة - الشيخ صالح بن حميد

أضيف بتاريخ : 09 / 10 / 2009
                      
ألقيت  الخطبة  في المسجد الحرام بتاريخ   14/14/1430هـ  



الخطبة الأولى

الحمد لله . الحمد لله أهل الحمد والفضل .. أقام خلقه وأمره بالحق والعدل وخص المكلفين بنعمة العقل ، سبحانه وبحمده له الأمر من بعد ومن قبل ، وأستغفره وأتوب إليه وأثني عليه بما هو أهله وأشكره على عطائه الجزل ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الأسماء الحسنى ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله أفضل نبيٍّ وأكرم مرسل .. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته الطيبين وعلى أصحابه الغر الميامين - أفضل صحب وأكرم أهل - والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ وسلم تسليما كثيرا .

أما بعد ، فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله - عز وجل - فاتقوا الهس - رحمكم الله - واحذروا المعاصي فهي طريق الهلاك ؛ فالغنا بريد الزنى .. والخمر أم الخبائث .. والكذب سبيل النفاق .. وحب الدنيا رأس كل خطيئة .. وطول الأمل ينسي ، والورع يخفف الحساب والزهد يبصر بالعورات ، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك يسلم لك دينك :   أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ   (9-11 سورة العاديات)

أيها المسلمون : داء من أدواء الدجل قديمًا ومشكلة من مشكلات العصر حديثًا ، وإنك لتعجب ممن رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ - صلى الله عليه وآله سلم - نبيًّا ورسولا .. تعجب ممن عرف ربه وعرف دين الحق وصح إيمانه وصدق توكله وتحقق توحيده ، كما تعجب من عصرٍ يوصف بالتقدم العلمي والعلم التجريبي - تقدم علمي وتقني في الأدوية والعلاج والوسائل - ومع هذا كله يسود هذا الداء وينتشر هذا البلاء ويعم هذا الخطر .. خطر يهدد المجتمع وعامل من عوامل تفكك الأسر وهدم العلاقات الاجتماعية وتقطيع أواصر القربى وإحلال الحق محل المحبة والخوف مكان الطمأنينة .. داء يزرع الاضطراب وينزع الثقة، بل إنه صورة من صور ضعف العقول ونقص التفكير .. ناهيكم بضعف الديانة وخلل العقيدة .

داء يمارسه الفسقة والأراذل ولا يرضاه الصادقون وأهل التقى ، إن نفوس من يقدم عليه تتصف بالخبث والدنائة والمكر تسلب كل الوسائل مهما خبثت وتقتحم السبل مهما انحطت .. ليس لصاحبه في الآخرة من خلاق ؛ فساد في الدين وشر في العمل وتهويل ودجل .. ذلكم عباد الله هو السحر والسحرة والكهانة والكهنة والدجل والشعوذة ..

الساحر شيطان من شياطين الإنس لا يحب الخير للناس .. نزعت الرأفة من قلبه والرحمة من نفسه .. همه المال وإيذاء الناس .. قبيح المسلك في أعماله ما يوقع في الكفر أو يوصل إليه :  ...وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ...   (102 سورة البقرة).. لا يتوانى عن الكذب ولا يتورع عن الخداع والتلون .

الساحر لم يقدم على سحره إلا لإعراضه عن ربه وشرعه ، وقد علم أن كثيرا من أنواع السحر لا يحصل إلا بالكفر والتقرب إلى الجن والشياطين مما لم يأذن به الله .. يقول الإمام الذهبي - رحمه الله - : " ترى خلقًا كثيرًا من الضلال يدخلون في السحر ويظنون أنه حرام فقط وما يشعرون أنه كفر " .. وفي الحديث : ثلاثة لا يدخلون الجنة : " مدمن خمر ، وقاطع رحم ، ومصدق بالسحر " .. ومن دقائق المعاني أن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه الكريم أن الذين اتبعوا ما تتلوا الشياطين هم الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم .. فقال سبحانه :   وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ...  الآية (89 سورة البقرة)

ولقد قرر أهل العلم أن تعلم السحر محرمٌ ، بل هو كفرٌ إذا كان وسيلته الإشراك بالجن والشياطين .. يقول الإمام النووي - رحمه الله - : " وعمل السحر حرام ، وهو من الكبائر بالإجماع ، وقد عده النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من السبع الموبقات وتعلمه وتعليمه حرام ، فإن تضمن ما يقتضي الكفر كفر " .

وقال أبو بكر الجصاص - رحمه الله - : " اتفق السلف على وجوب قتل الساحر ، ونص بعضهم على كفره لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " من أتى كاهنًا أو عرّافًا أو ساحرًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم – " .


عباد الله .. عمل السحر بغيٌ ومكرٌ وخبثٌ وظلم ، والساحر يظلم نفسه ويغضب ربه ويخسر دينه ويوقع نفسه في سخط الله ومقته :  ...وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ  (102 سورة البقرة) .. وفي الحديث المتفق عليه : " اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " .. ويدخل في ذلك - معاشر المسلمين - التنجيم والكهانة مما هو دجلٌ وتخبطٌ من أجل أكل أموال الناس بالباطل وإدخال الهم والغم عليهم .. هؤلاء المنجمون الدجالون يستدلون بالنجوم والكواكب وأحوالهم وأبراجها ومنازلها وحركاتها واقترانها وافتراقها يستدلون بذلك على الحوادث الأرضية وعلى أحوال ناسٍ من شقاءٍ وسعادةٍ وحظوظ ، وكل ذلك حرامٌ باطل .. يقود بصاحبه إلى الكفر إذا اعتقد علم الغيب أو اعتقد أن لأحدٍ غير الله القدرة على التصرف في الخلق ؛ فذلك كله كفرٌ بالله واستعانةٌ بغير الله وشركٌ به .. تعالى الله عما يقول الظالمون الجاحدون المعاندون علوًّا كبيرا.

والحوادث الأرضية ليس للنجوم بها تعلق أو ارتباط أو تأثير ؛ ففي الصحيحين من حديث خالد الجهني - رضي الله عنه - قال : " صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلةٍ على إثر سماء من الليل - أي على إثر مطر - فلما انصرف أقبل على الناس فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافر .. فمن قال : مُطِرنا بنوء كذا وكذا فإنه كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب ، ومن قال : مُطِرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب" والشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد أو لحياته ، بل هما آيتان من آيات  الله يخوف الله بهما عباده ، وقد جعلهما الله بحسبان .. يعلم الناس بهما عدد السنين والحساب ، والنجوم زينةٌ للسماء ويهدى بها في ظلمات البر والبحر .

أيها الإخوة المسلمون .. لقد عظم الضرر واشتد الخطب بهؤلاء الذين يمارسون هذه التخبطات والتكهنات ويلبسون على ضعاف العقول والبصيرة .. وإذا كانت الشعوذات والخرافات ووصفات العلاج الجاهلية تملأ الأرصفة والطرقات في بعض البلدان الضعيفة والفقيرة .. فمع الأسف ما كان على هذه الأرصفة التقطته بعض القنوات والشاشات ليقع التلبيس على الجميع كبارًا وصغارا رجالًا ونساء ؛ فلا ينبغي الاستهانة بهذه الشعوذات الفضائية والوصفات الزائفة .

معاشر المسلمين .. وممن يدخل في التحذير والوعيد : الذين يذهبون إلى السحرة والمشعوذين ليطلبوا منهم أن يسحروا غيرهم من أعدائهم أو أصدقائهم ؛ فمن سلك هذا المسلك فهو ظالم لنفسه معتدٍ أثيم غايته الانتقام من أخيه المسلم .. يذهب إلى هذا الساحر ليفرق بين فلان وفلانة أو يمنع فلانًا من الزواج بفلانة أو أن ينفر فلانا من أهل بيته .. وفي الحديث : " ليس منا من تطير أو تُطيِّر له أو تكهن أو تُكُهِّن له أو سحر أو سُحِر له " رواه البزار بسند جيد .

أين هؤلاء من عقوبة الله وقد جاء في الخبر : "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العاطهة المستعطهة" ؛ يعني الساحرة والتي تستحل أن تسحر لها . 

سحر وحسد وحقد وظلم لأن فلانًا تزوج فلانة أو لأن فلانًا أنعم الله عليه بما أنعم وأعطاه ما أعطاه ؛ فليتق الله هؤلاء جميعا وليستغفروا الله وليتوبوا إليه .

معاشر المسلمين .. ويحرم الذهاب إلى هؤلاء الكهنة والسحرة والدجالين ولا يجوز تصديقهم ؛ فما أفعالهم ولا كلامهم إلا دجلٌ ورجمٌ بالغيب واستعانةٌ محرمةٌ بغير الله ، وذلك محرمٌ في دين الله وكبيرةٌ من كبائر الذنوب يقود إلى الكفر والضلال ..

ومن ادعى علم الغيب فقد كفر .. يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أتى عرَّافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " رواه أحمد .. وعند مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من أتى كاهنًا أو عرّافًا فصدقه بما يقول فقد كفر ما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - " .. قال بعض أهل العلم : إن من يأت كاهنا فيسأله وإن لم يصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما ، وإن سأله وصدقه بما يقول فهو داخل في حديث : " فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم – " .


إن الذين يذهبون إلى السحرة والكهان والمشعوذين وأصحاب الدجل يرجون نفعهم أو يطلبون الشفاء من أمراضهم إنما يزدادون سوءًا وإثما ولو حصل نفع في ظنهم أو وهمهم ، فحسبهم أن ما نفع البدن أفسد الدين ، وذلك هو الخسران المبين .. وأنى لهم النفع والله يقول :  ... وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى  (69 سورة طـه)

نعم يا عباد الله .. فليخش هؤلاء الذين يتعلقون بالسحرة والمشعوذين أن يكون ذلك ثمن دينهم وإيمانهم ، وليتفكروا .. فما بعثهم على ذلك ولا دفعهم إليه إلا سوء ظنٍّ بربهم وخلل في عقيدتهم وقد علموا أن السحر من عمل الشيطان .

ألا فاتقوا الله - رحمكم الله - واعلموا أن السحر والكهانة والشعوذة والدجل فتنٌ تصد صاحبها عن الحق وتعمي عن الهدى وتوقع في الضلال ، ومن ابتلي بها تعلق بغير الله وابتعد عن منهج الله وضل ضلالًا مبينا .. وإذا كان المرء حريصا على أن يعرف الأمراض التي تؤذيه في بدنه فأولى من ذلك أن يعرف الأمراض التي تضره في دينه وعقيدته وتقدح في إيمانه ؛ فأمراض العقائد والقلوب أشد فتكا وأعظم ضررا من أمراض الأبدان .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :  وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ* وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ   (102- 103 سورة البقرة)



نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة ؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .



الخبطة الثانية :

الحمد لله . الحمد لله علم بالقلم وأنزل كتابه يهدي للتي هي أقوم ، أحمده - سبحانه - وأشكره على واقع العطايا وجزيل النعم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده  لا شريك له ذو الفضل والكرم ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله سيد العرب والعجم ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه نجوم الهدى ومصابيح الظُّلَم .. والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد ، أيها المسلمون .. إن طريق الوقاية والعلاج هو طريق الإسلام وسبيل المؤمنين من قوة الإيمان بالله وحسن التعلق به وصدق الاعتماد عليه والتوكل واليقين ،  ... وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ...   (11 سورة التغابن)،  ...وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا  (2 سورة الطلاق)،   ... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا   (4 سورة الطلاق)

وليحصن العبد نفسه بالأدعية المأثورة من كتاب الله ومن سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومن اصطبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سمٌّ ولا سحر ، وقراءة المعوذتين وسورة الإخلاص وآية الكرسي ، ويقول صباحًا ومساءً : باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ، ومن قرآ آيات السحر في سورة (الأعراف) و(يونس) و(طه) فإن كتاب الله هدى وشفاء ورحمة للمؤمنين .

عباد الله .. ولو ذهب الذاهب يفتش في أسباب انتشار هذه الخزعبلات وقبول هذه الشعوذات والكهانة والسحر ورواجه لتبين له أن من أعظم ذلك ضعف الإيمان في هذه النفوس ، وقد قال - سبحانه - :  ...وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ...   (3 سورة الطلاق)  وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ  (17سورة الأنعام) ، ومن ذلك الجهل بالشرع وأحكامه .. وإلا فكيف يذهب إلى هؤلاء الدجاجلة من يخشى على نفسه في دينه ويخشى أن ترد صلاته وطاعاته ، بل يخشى أن ينتقل من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر ؟ ومن ذلك قسوة القلب والركون إلى الماديات والجفاف في منابع الخير مما أورث الاكتئاب النفسي والقلق والاضطراب الداخلي عند هؤلاء ، ومنها الغفلة عن ذكر الله والتحصن بالأوراد الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله  - صلى الله عليه وسلم - حتى تكاد تصبح بعض البيوت مرتعا للشياطين ومباءة للمنكرات .

وبعد عباد الله .. فإن هذه الأسباب تستدعي من أهل العلم والصلاح خاصة وعموم المسلمين التناصح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر وفشو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإحسان بالتربية ، كما يجب متابعة هؤلاء المشعوذين والإبلاغ عنهم، وعلى ولاة أمور المسلمين الأخذ على أيديهم بحزم وإيقاع الجزاء الرادع عليهم .

ألا فاتقوا الله - رحمكم الله - وآمنوا به واعتمدوا عليه ، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان .

ثم صلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة نبيكم محمد رسول الله ؛ فقد أمركم بذلك ربكم فقال - عز قائلا عليما - في محكم تنزيله قولا كريما  إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا  (56 سورة الأحزاب) .. اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر والخلق الأكمل وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين ، وارض اللهم عن الأربعة الراشدين والأئمة المهدين - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - وعن الصحابة أجمعين ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك وجودك يا أكرم الأكرمين .

اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ، واحم حوزة الدين ، وانصر عبادك المؤمنين .. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين ..

 اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا بتوفيقك ، وأعزه بطاعتك ، وأعل به كلمتك ، وانصر به دينك ، واجمع به كلمة المسلمين على الحق والهدى يا رب العالمين .. اللهم وفقه ونائبه وإخوانه وأعوانه لما تحب وترضى ، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى .. اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - واجعلهم رحمة لعبادك المؤمنين ، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين .

اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويهدي فيه أهل المعصية ، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر إنك على كل شيء قدير .

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلال والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين . 

اللهم إن نسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى ، والرضا بعد القضاء ، وبرد العيش بعد الموت ، ونسألك نعيما لا ينفذ وقرة عين لا تنقطع ، ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم ، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة .. اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين .

اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد ، ونسألك شكر نعتمك وحسن عبادتك ، ونسألك قلوبا سليمة وألسنة صادقة ، ونسألك من خير ما تعلم ونعوذ بك من شر ما تعلم ونستغفرك لما تعلم .

اللهم اشف مرضانا،. اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا ، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين .. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

عباد الله .. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلك تذكرون؛ فاذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .


علامة باركود
النص الكامل تكبير الخطالحجم الأصليتصغير الخط
شارك وانشر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

وبعد:
قال - تعالى -: ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 102].

فقد أخبر - سبحانه - بكذب الشياطين فيما تلتْه على ملْك سليمان، ونفَى عنه ما نَسَبُوه إليه من السِّحر بنفْي الكفر عنه؛ مما يدل على كون السحر كفرًا، وأكَّد كفر الشياطين، وذَكَر صورةً من ذلك، وهي تعليم الناس السحرَ، ومما يؤكِّد كفرَ متعلِّم السحر قولُه - تعالى - عن الملَكينِ اللذين يعلِّمانِ الناسَ السحرَ ابتلاءً لمن جاء متعلمًا: ﴿ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ﴾؛ أي: لا تكفر بتعلُّم السحر، ثم أخبر - سبحانه - أن تعلُّم السحر ضررٌ لا نفع فيه، فقال: ﴿ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ ﴾، وما لا نفع فيه وضررُه محقق، لا يجوز تعلُّمُه.

ثم قال - سبحانه -: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ﴾؛ أي: لقد علِم اليهودُ فيما عهد إليهم أن الساحر لا خلاقَ له في الآخرة، قال ابن عباس: ليس له نصيب، وقال الحسن: ليس له دين، فدلَّت الآية على تحريم السحر، وعلى كفْر الساحر، وعلى ضرر السحر على الخلق، قال - سبحانه -: ﴿ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ [طـه: 69]، ففي هذه الآية الكريمة نفَى الفلاحَ عن الساحر نفيًا عامًّا في أي مكان، وهذا دليل على كفره.

روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اجتنبوا السبْع الموبقات))، قالوا: يا رسول الله، ما هي؟ قال: ((الشرك بالله، والسِّحر...))، ثم ذكر البقية الأخرى[1].

وهذا يدلُّ على عِظم جريمة السِّحر؛ لأنه قرَنَه بالشرك، وعدَّه من السبع الموبقات التي نهى عنها؛ لكونها تُهلك فاعلَها في الدنيا؛ لما يترتَّب عليها من الأضرار الحسية والمعنوية، وتهلكه في الآخرة؛ بما يناله بسببها من العذاب الأليم.

روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من أتى عرَّافًا أو كاهنًا فصدَّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد))[2]، وروى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تُقبَل له صلاة أربعين ليلة))[3]، وفي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سأل أناس رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكهان، فقال: ((ليسوا بشيء))، قالوا: يا رسول الله، فإنهم يحدِّثون أحيانًا بالشيء يكون حقًّا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تلك الكلمة من الحق، يخطفها الجني، فيَقُرُّها في أُذن وليِّه قَرَّ الدجاجة، فيخلطون فيها أكثرَ من مائة كذبة))[4].

ففي هذه الأحاديث النهيُ عن إتيانِ العرافين والكهنة والسَّحرة وأمثالهم، وسؤالِهم وتصديقهم، والوعيدُ على ذلك، وفيها دليلٌ على كفر الكاهن والساحر؛ لأنهما يدَّعيان علم الغيب، وذلك كفرٌ؛ ولأنهما لا يتوصلان إلى مقصدهما إلا بخدمة الجنِّ وعبادتهم من دون الله، وذلك كفر بالله وشركٌ به - سبحانه.

والساحر لا يتمكَّن من سحرِه إلا بالخروج من هذا الدِّين، إما بالذَّبح للجن، أو الاستغاثة بهم، أو إهانة كلام الله، أو غير ذلك من الموبقات.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "يكتبون كلام الله بالنجاسة، وقد يقلبون حروف كلام الله، إما حروف الفاتحة، وإما حروف ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، وإما غيرهما، إما بدمٍ وإما غيره، وإما بغير نجاسة، أو يكتبون غير ذلك مما يرضاه الشيطان، أو يتكلَّمون بذلك"[5].

"ولهذا كلما كان الساحر أكفرَ وأخبث، وأشدَّ معاداة لله ولرسوله ولعباده المؤمنين، كان سحرُه أقوى وأنفذَ، ولهذا كان سحر عُباد الأصنام أقوى من سحر أهل الكتاب، وسحر اليهود أقوى من سحر المنتسبين إلى الإسلام، وهم الذين سَحَروا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم"[6].

والنصوص السابقة من الكتاب والسُّنة، تدلُّ على كفر الساحر - كما تقدم - مما يدلُّ على أنه يُستتاب، فإن تاب وإلا قُتل، وذهب بعض العلماء إلى قتْله بدون استتابة، روى الترمذي في سننه من حديث جندب - رضي الله عنه - موقوفًا عليه أنه قال: "حدُّ الساحر ضربة بالسيف"[7]، وورد عن طائفة من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتْلُ الساحر والأمر بذلك، ولم يوجد بينهم خلافٌ في ذلك.

والسحر داء يؤثِّر، فيُمرِض الأبدانَ، ويقتل ويفرِّق بين المرء وزوجه، وشُرع للمرء الذي أُصيب به ويسعى في علاجه، الأخذُ بالأسباب المباحة المؤدِّية إلى الشفاء؛ لأن الله - تعالى - جعل لكل داء دواءً، روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاء))[8]، ويعالَج السحر بالقرآن، والأدعية المشروعة، والأدوية المباحة.

قال ابن القيم - رحمه الله -: "وقد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه - أي: في علاج السحر - نوعان:
أحدهما - وهو أبلغها -: استخراجُه وإبطاله، كما صحَّ عنه أنه سأل ربَّه - سبحانه - في ذلك، فدُلَّ عليه.
والنوع الثاني: الاستفراغ في المحل الذي يصل إليه أذى السحر"[9].

وقال أيضًا: من أنفع الأدوية، وأقوى ما يوجد من النَّشَرة، مقاومةُ السحر الذي هو من تأثير الأرواح الخبيثة بالأدوية الإلهية؛ من الذِّكر، والدعاء، والقراءة، فالقلب إذا كان ممتلئًا من الله، معمورًا بذِكره، وله وردٌ من الذكر والدعاء والتوجُّه لا يخلُّ به، كان ذلك من أعظم الأسباب المانعة من إصابة السحر له، قال: وسلطان تأثير السحر هو في القلوب الضعيفة، ولهذا غالب ما يؤثِّر في النساء والصبيان والجهال، ومن ضعُف حظُّه من الدِّين والتوكل والتوحيد، ومن لا نصيب له من الأوراد الإلهية، والدعوات والتعوذات النبويَّة؛ لأن الأرواح الخبيثة إنما تتسلَّط على أرواحٍ تلقاها مستعدةً لما يناسبها[10]. ا هـ.

قال ابن حجر: وجواز السحر على النبي - صلى الله عليه وسلم - مع عظيم مقامه، وصدْق توجُّهه، وملازمة ورِده؛ ولكن يمكن الانفصال عن ذلك بأن الذي ذكره - يعني: ابن القيم - محمولٌ على الغالب، وأن ما وقع به - صلى الله عليه وسلم - لبيان تجويز ذلك، والله أعلم[11].

وأما علاج السحر بالسحر، فهذا حرام؛ لعموم النصوص الواردة في تحريم السحر؛ لأنه من عملِ الشيطان، ولا يجوز علاجُه بسؤال الكهنة والعرافين والمشعوذين، واستعمال ما يقولون؛ لأنهم كذبةٌ فَجَرة، يدَّعون علم الغيب، ويلبِّسون على الناس.

روى الإمام أبو داود من حديث جابر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن النشرة، فقال: ((هي من عمل الشيطان))، والنشرة هي حلُّ السحر عن المسحور، والمراد بالنشرة الواردة في الحديث النشرةُ التي يتعاطاها أهل الجاهلية، وهي سؤال الساحر حلَّ السحرِ بسحرٍ مثله.

فإذا عُلم ما تقدَّم ذِكره، تبيَّن أن ما يفعله بعض الناس من الاتِّصال ببعض القنوات الفضائية للسحرة، وسؤالهم عما يَحدُث له من مشاكلَ، أو همومٍ، أو قضايا اجتماعية، أمرٌ محرَّم؛ بل هو في غاية الخطورة، ويقدح في العقيدة، وكيف يُقدِم مسلِم على ذلك وهو يعلم الآياتِ والأحاديثَ الواردة في ذمِّ السحرة، والنهي عن إتيانهم وتصديقهم؟! ومن فعل ذلك فإنه يُخشى على إيمانه وتوحيده.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

[1] ص 533، برقم 2766، وصحيح مسلم ص 63، برقم 89.
[2] (15/ 331) برقم  9536، وقال محققوه: حديث حسن.
[3] ص 917، برقم 2230.
[4] ص 1196، برقم 6213، وصحيح مسلم ص 916 - 917، برقم 2228.
[5] "الفتاوى" (19/ 35).
[6] "بدائع الفوائد" (2/ 758).
[7] ص 257، برقم 1460.
[8] ص 1116، برقم 5678.
[9] "زاد المعاد" (4/ 114).
[10] "الطب النبوي" ص 252 بتصرف.
[11] "فتح الباري" (10/ 235) يشير إلى الأحاديث الصحيحة التي تثبت أنه سُحر - عليه الصلاة والسلام

الحمد لله. الحمد لله أهل الحمد والفضل.. أقام خلقه وأمره بالحق والعدل وخص المكلفين بنعمة العقل، سبحانه وبحمده له الأمر من بعد ومن قبل، وأستغفره وأتوب إليه وأثني عليه بما هو أهله وأشكره على عطائه الجزل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الأسماء الحسنى ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله أفضل نبيٍّ وأكرم مرسل.. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته الطيبين وعلى أصحابه الغر الميامين -أفضل صحب وأكرم أهل- والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله -عز وجل- فاتقوا الهع -رحمكم الله- واحذروا المعاصي فهي طريق الهلاك؛ فالغنا بريد الزنى.. والخمر أم الخبائث.. والكذب سبيل النفاق.. وحب الدنيا رأس كل خطيئة.. وطول الأمل ينسي، والورع يخفف الحساب والزهد يبصر بالعورات، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك يسلم لك دينك: ( أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ ) [العاديات:9-11].

أيها المسلمون: داء من أدواء الدجل قديمًا ومشكلة من مشكلات العصر حديثًا، وإنك لتعجب ممن رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ -صلى الله عليه وآله سلم- نبيًّا ورسولاً.. تعجب ممن عرف ربه وعرف دين الحق وصح إيمانه وصدق توكله وتحقق توحيده، كما تعجب من عصرٍ يوصف بالتقدم العلمي والعلم التجريبي -تقدم علمي وتقني في الأدوية والعلاج والوسائل- ومع هذا كله يسود هذا الداء وينتشر هذا البلاء ويعم هذا الخطر.. خطر يهدد المجتمع وعامل من عوامل تفكك الأسر وهدم العلاقات الاجتماعية وتقطيع أواصر القربى وإحلال الحق محل المحبة والخوف مكان الطمأنينة.. داء يزرع الاضطراب وينزع الثقة، بل إنه صورة من صور ضعف العقول ونقص التفكير.. ناهيكم بضعف الديانة وخلل العقيدة.

داء يمارسه الفسقة والأراذل ولا يرضاه الصادقون وأهل التقى، إن نفوس من يقدم عليه تتصف بالخبث والدنائة والمكر تسلب كل الوسائل مهما خبثت وتقتحم السبل مهما انحطت.. ليس لصاحبه في الآخرة من خلاق؛ فساد في الدين وشر في العمل وتهويل ودجل.. ذلكم عباد الله هو السحر والسحرة والكهانة والكهنة والدجل والشعوذة..

الساحر شيطان من شياطين الإنس لا يحب الخير للناس.. نزعت الرأفة من قلبه والرحمة من نفسه.. همه المال وإيذاء الناس.. قبيح المسلك في أعماله ما يوقع في الكفر أو يوصل إليه: ( ...وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ... ) [البقرة:102].. لا يتوانى عن الكذب ولا يتورع عن الخداع والتلون.

الساحر لم يقدم على سحره إلا لإعراضه عن ربه وشرعه، وقد علم أن كثيرا من أنواع السحر لا يحصل إلا بالكفر والتقرب إلى الجن والشياطين مما لم يأذن به الله.. يقول الإمام الذهبي -رحمه الله-: " ترى خلقًا كثيرًا من الضلال يدخلون في السحر ويظنون أنه حرام فقط وما يشعرون أنه كفر ".. وفي الحديث: ثلاثة لا يدخلون الجنة: " مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدق بالسحر ".. ومن دقائق المعاني أن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه الكريم أن الذين اتبعوا ما تتلوا الشياطين هم الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم.. فقال سبحانه: ( وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ... ) [البقرة:89].

ولقد قرر أهل العلم أن تعلم السحر محرمٌ، بل هو كفرٌ إذا كان وسيلته الإشراك بالجن والشياطين.. يقول الإمام النووي -رحمه الله-: " وعمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع، وقد عده النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من السبع الموبقات وتعلمه وتعليمه حرام، فإن تضمن ما يقتضي الكفر كفر ".

وقال أبو بكر الجصاص -رحمه الله-: اتفق السلف على وجوب قتل الساحر، ونص بعضهم على كفره لقوله -صلى الله عليه وسلم-: " من أتى كاهنًا أو عرّافًا أو ساحرًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم – ".

عباد الله: عمل السحر بغيٌ ومكرٌ وخبثٌ وظلم، والساحر يظلم نفسه ويغضب ربه ويخسر دينه ويوقع نفسه في سخط الله ومقته: ( ...وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ) [البقرة:102].. وفي الحديث المتفق عليه: " اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات "

ويدخل في ذلك -معاشر المسلمين- التنجيم والكهانة مما هو دجلٌ وتخبطٌ من أجل أكل أموال الناس بالباطل وإدخال الهم والغم عليهم.. هؤلاء المنجمون الدجالون يستدلون بالنجوم والكواكب وأحوالهم وأبراجها ومنازلها وحركاتها واقترانها وافتراقها يستدلون بذلك على الحوادث الأرضية وعلى أحوال ناسٍ من شقاءٍ وسعادةٍ وحظوظ، وكل ذلك حرامٌ باطل.. يقود بصاحبه إلى الكفر إذا اعتقد علم الغيب أو اعتقد أن لأحدٍ غير الله القدرة على التصرف في الخلق؛ فذلك كله كفرٌ بالله واستعانةٌ بغير الله وشركٌ به.. تعالى الله عما يقول الظالمون الجاحدون المعاندون علوًّا كبيراَ.

والحوادث الأرضية ليس للنجوم بها تعلق أو ارتباط أو تأثير؛ ففي الصحيحين من حديث خالد الجهني -رضي الله عنه- قال: " صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلةٍ على إثر سماء من الليل -أي على إثر مطر- فلما انصرف أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافر.. فمن قال: مُطِرنا بنوء كذا وكذا فإنه كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب، ومن قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب" والشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد أو لحياته، بل هما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، وقد جعلهما الله بحسبان.. يعلم الناس بهما عدد السنين والحساب، والنجوم زينةٌ للسماء ويهدى بها في ظلمات البر والبحر.

أيها الإخوة المسلمون: لقد عظم الضرر واشتد الخطب بهؤلاء الذين يمارسون هذه التخبطات والتكهنات ويلبسون على ضعاف العقول والبصيرة.. وإذا كانت الشعوذات والخرافات ووصفات العلاج الجاهلية تملأ الأرصفة والطرقات في بعض البلدان الضعيفة والفقيرة.. فمع الأسف ما كان على هذه الأرصفة التقطته بعض القنوات والشاشات ليقع التلبيس على الجميع كبارًا وصغارا رجالًا ونساء؛ فلا ينبغي الاستهانة بهذه الشعوذات الفضائية والوصفات الزائفة.

معاشر المسلمين: وممن يدخل في التحذير والوعيد: الذين يذهبون إلى السحرة والمشعوذين ليطلبوا منهم أن يسحروا غيرهم من أعدائهم أو أصدقائهم؛ فمن سلك هذا المسلك فهو ظالم لنفسه معتدٍ أثيم غايته الانتقام من أخيه المسلم.. يذهب إلى هذا الساحر ليفرق بين فلان وفلانة أو يمنع فلانًا من الزواج بفلانة أو أن ينفر فلانا من أهل بيته.. وفي الحديث: " ليس منا من تطير أو تُطيِّر له أو تكهن أو تُكُهِّن له أو سحر أو سُحِر له " رواه البزار بسند جيد.

أين هؤلاء من عقوبة الله وقد جاء في الخبر: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العاطهة المستعطهة"؛ يعني الساحرة والتي تستحل أن تسحر لها.

سحر وحسد وحقد وظلم لأن فلانًا تزوج فلانة أو لأن فلانًا أنعم الله عليه بما أنعم وأعطاه ما أعطاه؛ فليتق الله هؤلاء جميعاً وليستغفروا الله وليتوبوا إليه.

معاشر المسلمين.. ويحرم الذهاب إلى هؤلاء الكهنة والسحرة والدجالين ولا يجوز تصديقهم؛ فما أفعالهم ولا كلامهم إلا دجلٌ ورجمٌ بالغيب واستعانةٌ محرمةٌ بغير الله، وذلك محرمٌ في دين الله وكبيرةٌ من كبائر الذنوب يقود إلى الكفر والضلال..

ومن ادعى علم الغيب فقد كفر.. يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من أتى عرَّافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " رواه أحمد.. وعند مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " من أتى كاهنًا أو عرّافًا فصدقه بما يقول فقد كفر ما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- ".. قال بعض أهل العلم: إن من يأت كاهنا فيسأله وإن لم يصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماَ، وإن سأله وصدقه بما يقول فهو داخل في حديث: " فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم– ".

إن الذين يذهبون إلى السحرة والكهان والمشعوذين وأصحاب الدجل يرجون نفعهم أو يطلبون الشفاء من أمراضهم إنما يزدادون سوءًا وإثماً ولو حصل نفع في ظنهم أو وهمهم، فحسبهم أن ما نفع البدن أفسد الدين، وذلك هو الخسران المبين.. وأنى لهم النفع والله يقول: ( ... وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ) [طـه:69]

نعم يا عباد الله.. فليخش هؤلاء الذين يتعلقون بالسحرة والمشعوذين أن يكون ذلك ثمن دينهم وإيمانهم، وليتفكروا.. فما بعثهم على ذلك ولا دفعهم إليه إلا سوء ظنٍّ بربهم وخلل في عقيدتهم وقد علموا أن السحر من عمل الشيطان.

ألا فاتقوا الله -رحمكم الله- واعلموا أن السحر والكهانة والشعوذة والدجل فتنٌ تصد صاحبها عن الحق وتعمي عن الهدى وتوقع في الضلال، ومن ابتلي بها تعلق بغير الله وابتعد عن منهج الله وضل ضلالًا مبينا.. وإذا كان المرء حريصاً على أن يعرف الأمراض التي تؤذيه في بدنه فأولى من ذلك أن يعرف الأمراض التي تضره في دينه وعقيدته وتقدح في إيمانه؛ فأمراض العقائد والقلوب أشد فتكاً وأعظم ضرراً من أمراض الأبدان.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ( وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ* وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ) [البقرة:102-103]

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخبطة الثانية:

الحمد لله. الحمد لله علم بالقلم وأنزل كتابه يهدي للتي هي أقوم، أحمده - سبحانه- وأشكره على واقع العطايا وجزيل النعم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والكرم، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله سيد العرب والعجم، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه نجوم الهدى ومصابيح الظُّلَم.. والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها المسلمون: إن طريق الوقاية والعلاج هو طريق الإسلام وسبيل المؤمنين من قوة الإيمان بالله وحسن التعلق به وصدق الاعتماد عليه والتوكل واليقين، ( ... وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ... ) [التغابن:11]، ( ...وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) [الطلاق:2]، ( ... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ) [ الطلاق:4]

وليحصن العبد نفسه بالأدعية المأثورة من كتاب الله ومن سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ومن اصطبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سمٌّ ولا سحر، وقراءة المعوذتين وسورة الإخلاص وآية الكرسي، ويقول صباحًا ومساءً: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ومن قرآ آيات السحر في سورة (الأعراف) و(يونس) و(طه) فإن كتاب الله هدى وشفاء ورحمة للمؤمنين.

عباد الله: ولو ذهب الذاهب يفتش في أسباب انتشار هذه الخزعبلات وقبول هذه الشعوذات والكهانة والسحر ورواجه لتبين له أن من أعظم ذلك ضعف الإيمان في هذه النفوس، وقد قال -سبحانه-: ( ...وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ... ) [الطلاق:3] ( وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ ) [الأنعام:17]، ومن ذلك الجهل بالشرع وأحكامه.. وإلا فكيف يذهب إلى هؤلاء الدجاجلة من يخشى على نفسه في دينه ويخشى أن ترد صلاته وطاعاته، بل يخشى أن ينتقل من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر؟ ومن ذلك قسوة القلب والركون إلى الماديات والجفاف في منابع الخير مما أورث الاكتئاب النفسي والقلق والاضطراب الداخلي عند هؤلاء، ومنها الغفلة عن ذكر الله والتحصن بالأوراد الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- حتى تكاد تصبح بعض البيوت مرتعا للشياطين ومباءة للمنكرات.

وبعد -عباد الله-: فإن هذه الأسباب تستدعي من أهل العلم والصلاح خاصة وعموم المسلمين التناصح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر وفشو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإحسان بالتربية، كما يجب متابعة هؤلاء المشعوذين والإبلاغ عنهم، وعلى ولاة أمور المسلمين الأخذ على أيديهم بحزم وإيقاع الجزاء الرادع عليهم.

ألا فاتقوا الله -رحمكم الله- وآمنوا به واعتمدوا عليه، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.

ثم صلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة نبيكم محمد رسول الله؛ فقد أمركم بذلك ربكم فقال -عز قائلاً عليما- في محكم تنزيله قولاً كريماً ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) [الأحزاب:56].. اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر والخلق الأكمل وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الأربعة الراشدين والأئمة المهدين -أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، وانصر عبادك المؤمنين.. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين..

اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا بتوفيقك، وأعزه بطاعتك، وأعل به كلمتك، وانصر به دينك، واجمع به كلمة المسلمين على الحق والهدى يا رب العالمين.. اللهم وفقه ونائبه وإخوانه وأعوانه لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى.. اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- واجعلهم رحمة لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.

اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويهدي فيه أهل المعصية، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر إنك على كل شيء قدير.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلال والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين.

اللهم إن نسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى، والرضا بعد القضاء، وبرد العيش بعد الموت، ونسألك نعيما لا ينفذ وقرة عين لا تنقطع، ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة.. اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين.

اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، ونسألك شكر نعتمك وحسن عبادتك، ونسألك قلوبا سليمة وألسنة صادقة، ونسألك من خير ما تعلم ونعوذ بك من شر ما تعلم ونستغفرك لما تعلم.

اللهم اشف مرضانا،. اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين.. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلك تذكرون؛ فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق