الثلاثاء، ١ شوال ١٤٣٢ هـ

في التحقيق في خطبة العيد ومحل قيام الخطيب



الفتوى رقم: 701
الصنف: فتاوى الصـلاة

في التحقيق في خطبة العيد ومحل قيام الخطيب


السـؤال:
هل خُطبة العِيدين خُطبة واحدةٌ أم ثنتان كخطبتي الجمعة؟ وإذا أُقيمت صلاة العيد في المسجد فهل يلقي الإمام الخطبةَ على المنبر أو قائمًا على الأرض كما تؤدّى في المصلى؟ وبارك الله فيكم.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالأقربُ إلى الصواب من قَوْلَيِ العلماءِ أنّ خُطبةَ العيدِ خطبةٌ واحدةٌ لم يَثبتِ الجلوسُ في وسطها كهيئة الجمعة، وهو المنقول عن الخلفاء: أبي بكر وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ والمغيرةِ بنِ شعبةَ رضي الله عنهم، خلافًا لِمَا عليه المذاهبُ الأربعةُ وابنُ حَزْمٍ وهو مذهب الجمهور؛ لأنّ إطلاقَ الخُطبةِ -في الأصل- ينصرف إلى الواحدة إلاّ إذا جاء دليلٌ على أنها خطبتان، وقد ورد في السُّنَّة الصحيحة وغيرِها مثل هذا الإطلاق كما جاء من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَكُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الخُطْبَةِ»(1)، وكذا ثبت عن ابن عمر(2) وجابرِ بنِ عبدِ الله(3) رضي الله عنهم، وإطلاقُ الخطبة على خطبتي الجمعة فلوجود ما يرجّحه، ويؤيّد هذا المعنى ما ثبت في الصحيحين من جواز خطبة العيد على الراحلة من حديث أبي بكرةَ رضي الله عنه قال: «لَمَّا كَانَ ذَلِكَ اليَوْمُ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ… أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ…»(4)، ومفاد مشروعية الخطبة على الراحلة عدم الفصل بين الخطبتين بجلوس؛ لأنه إنما خطب جالسًا على راحلته، وقد كان يفعله الصحابة رضي الله عنهم، فقد نقل إبراهيم النخعي قوله: «كَانَ الإِمَامُ يَوْمَ العِيدِ يَبْدَأُ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَرْكَبُ فَيَخْطُبُ»(5)، وعن ميسرة أبي جميلة قال: «شَهِدْتُ مَعَ عَلِيٍّ العِيدَ فَلَمَّا صَلَّى خَطَبَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، قَالَ: وَكَانَ عُثْمَانُ يَفْعَلُهُ»(6).
نعم لو ثبت أثرُ عبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ قال: «السُّنَّةُ أن يخطبَ الإمامُ في العِيدين خُطبتين يفصل بينهما بجلوس»(7)، وما أخرجه ابن ماجه من حديث جابر رضي الله عنه قال: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الفِطْرِ أَوِ الأَضْحَى فَخَطَبَ قَائِمًا ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَةً ثُمَّ قَامَ»(8)، للزم حمل الدليلين المتعارضين على تغاير الحال فيجوز الأمران جمعًا بين الأدلة، وهو أَوْلَى من الترجيح، لكن كِلاَ الحديثين ضعيفان لا يُحتجُّ بهما. قال النووي: «ولم يثبت في تكرير الخُطبة شيءٌ، ولكن المعتمد فيه القياس على الجمعة»(9)، وقال الصنعاني: «وليس فيه أنها خطبتان كالجمعة وأنه يقعد بينهما، ولعلّه لم يثبت ذلك من فعله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وإنما صنعه الناس قياسًا على الجمعة»(10).
ولا يخفى أنّ الاعتماد على قياس لم تُدْرَكْ عِلَّتُه، وطريق صحّته غير ناهض لعدم معقولية المعنى فيه من جهة؛ ولأنه –من جهة أخرى- ثبتت خطبتا الجمعة بالدليل خروجًا عن الأصل و«مَا ثَبَتَ عَلَى خِلاَفِ القِيَاسِ فَغَيْرُهُ عَلَيْهِ لاَ يُقَاسُ»، ولو صحّ القياس للزم ما يلزم الجمعة من جملة أحكامٍ مغايرة للعيد من حيث إيقاعها بعد الخُطبة وجواز صلاتها قبل الزوال وبعده وغيرها من الأحكام، وإذا بَطَلَ اللاَّزِمُ بَطَلَ الملزومُ. ثمّ لِمَ لا يقاس بما هو أقرب منها وهي خُطبة يومِ عَرَفَةَ بِنَمِرَةَ؟ فقد كانت خُطبةً واحدةً على الصحيح(11).
هذا، والمعلوم في السنّة أنّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّمَ لم يصلّ العيدَ إلاّ في المصلَّى ولم يثبت عنه أنه كان يُخرِجُ المنبرَ إلى أرضية المصلَّى، ولا أنه كان يرتقي على شيء إلاّ على راحلته، فتحقّق أنّ خُطبتَهُ إمّا على الراحلة كما تقدّم، وإمّا قائمًا على الأرض. وقد صحّ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم «كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الفِطْرِ فَيَبْدَأُ بِالصَّلاَةِ، فَإِذَا صَلَّى قَامَ قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ، فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي مُصَلاَّهُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِبَعْثِ ذِكْرِهِ للنَّاسِ، أَوْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ بِهَا، وَكَانَ يَقُولُ: تَصَدَّقُوا تَصَدَّقُوا تَصَدَّقُوا، وَكَانَ أَكْثَر مَا يَتَصَدَّقُ النِّسَاء، ثُمَّ يَنْصَرِفُ»(12)، وفيه دليل على قيام الإمام في خُطبة العيد على رجليه، فظهر من الحالتين أن لا تعدّدَ في الخطبة ولا فصلَ بينها بالجلوس؛ إذ يتعذّر في الأولى ولم ينقل في الثانية.
ويمكن الاستئناس بمرسَلِ عطاء عندما سُئل عن الخروج يوم الفطر إلى الصلاة أنه قال: «مَا جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِنْبَرٍ حَتَّى مَاتَ، مَا كَانَ يَخْطُبُ إِلاَّ قَائِمًا، فكيف يخشى أن يحبسوا الناس؟ وإنما كانوا يخطبون قيامًا لا يجلسون، إنما كان النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ يَرْتَقِي أَحَدُهُمْ عَلَى المِنْبَرِ فَيَقُومُ كَمَا هُوَ قَائِمًا لاَ يَجْلِسُ عَلَى المِنْبَرِ حَتَّى يَرْتَقِيَ عَلَيْهِ، وَلاَ يَجْلِسُ عَلَيْهِ بَعْدَمَا يَنْزِلُ، وَإِنَّمَا خُطْبَتُهُ جَمِيعًا وَهُوَ قَائِمٌ إِنَّمَا كَانُوا يَتَشَهَّدُونَ مَرَّةً وَاحِدَةً، الأولى قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِنْبَرٌ إِلاَّ مِنْبَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ مُعَاوِيَةُ إِذْ حَجَّ بِالمِنْبَرِ فَتَرَكَهُ، قال: فَلَمْ يَزَالُوا يَخْطُبُونَ عَلَى المَنَابِرِ بَعْدُ»(13). فهذا الأثر يفيد أنّ الخطبةَ كانت واحدةً ولم يكن لهم مِنْبَرٌ في المصلى حيث كانوا يخطبون قيامًا من جلوس.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 7 ربيع الأول 1428ه
الموافق ل: 26 مارس 2007م



1- أخرجه البخاري في «العيدين»، باب الخطبة بعد العيد (919)، والنسائي في «صلاة العيدين»، باب الخطبة في العيدين بعد الصلاة: (1569)، والدارمي في «سننه»: (1565)، وأحمد: (3215).
2- أخرجه أحمد: (4588)، والطبراني في «الكبير»: (13208).
3- أخرجه البخاري في «صلاة العيدين»، باب المشي والركوب إلى العيد: (915)، ومسلم في «صلاة العيدين»: (2047)، وأبو داود في «الصلاة»، باب الخطبة يوم العيد: (1141)، والنسائي في «صلاة العيدين»، باب قيام الإمام في الخطبة متوكئا على إنسان: (1575)، وأحمد: (14011).
4- أخرجه البخاري في «العلم»، باب قول النبي رب مبلغ أوعى من سامع: (67)، ومسلم في «القسامة»، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال: (4384)، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.
5- أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»: (5851).
6-أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»: (5844).
7- أخرجه الشافعي في «الأم»: (1/273)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (6305)، وضعفه النووي في «الخلاصة»: (2/838).
8- أخرجه ابن ماجه في «الصلاة»، باب ما جاء في الخطبة في العيدين: (1289)، من حديث جابر رضي الله عنه. قال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (1/234): «هذا إسناد فيه إسماعيل بن مسلم وقد أجمعوا على ضعفه، وأبو بحر ضعيف »، وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (12/635): «منكر»، وأشار إلى ضعفه ابن رجب الحنبلي في «فتح الباري»: (6/99).
9- الخلاصة للنووي: (2/838).
10- سبل السلام للصنعاني: (2/670).
11- قال ابن القيم في «زاد المعاد»: (2/306): «وَهِمَ من زعم أنه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم خطب بعرفة خطبتين جلس بينهما، ثمّ أذّن المؤذّن، فلمَّا فرغ أخذ في الخطبة الثانية، فلمّا فرغ منها أقام الصلاة، وهذا لم يجئ في شيء من الأحاديث ألبتة، وحديث جابر صريح في أنه لما أكمل خطبته أذّن بلال وأقام الصلاة، فصلى الظهر بعد الخطبة».
12- أخرجه مسلم في «صلاة العيدين»: (2053)، وابن ماجه في «إقامة الصلاة»، باب ما جاء في الخطبة في العيدين: (1288)، وابن خزيمة في «صحيحه»: (1449)، والحاكم في «المستدرك»: (1101)، وأحمد: (10922).
13- أخرجه عبد الرزاق في «المصنف»: (5265).


* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *


الفتوى رقم: 633
الصنف: فتاوى الصـلاة

في حكم خروج المرأة لصلاة العيد


السـؤال:
هل يجب على النساء حضورُ صلاة العيد؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالأصلُ أنّ النِّساءَ شقائقُ الرِّجالِ في الأحكامِ، فما ثَبَتَ للرجلِ ثَبَتَ للمرأة إلاّ ما استثناه الدليلُ، لكن الدليل جاء مؤكّدًا لهذا الأصلِ حيث أَمَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم النساءَ بالخروجِ لصلاة العِيدِ حتَّى ذوات الخدورِ والحُيَّضَ، وأَمَرَهُنَّ أن يَعْتَزِلْنَ المُصَلَّى، بل وأَمَرَ مَنْ لا جلبابَ لها أن تُلْبِسَهَا أُخْتُها مِنْ جِلبابها، كما ثبت ذلك في حديث أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها(1)، وفي حديث ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: «خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ»(2).
وصلاةُ العِيدِ مُسْقِطَةٌ للجُمعة إذا اتَّفَقَا في يومٍ واحدٍ وما ليس بواجبٍ لا يُسْقِطُ ما كان واجبًا، ولم يأمر النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم النساءَ بالجمعة وأَذِنَ لهنّ فيها وقال: «صَلاَتُكُنَّ في بُيُوتِكُنَّ خيرٌ مِنْ صَلاَتِكُنَّ في دُورِكُنَّ، وَصَلاَتُكُنَّ فِي دُورِكُنَّ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِكُنَّ فِي مَسْجِدِ الجَمَاعَةِ»(3)، في حينِ أَمَرَهنّ بشهودِ صلاةِ العيدِ، وممّا يؤكد هذا الحكمَ في وجوب خروجِ النساءِ إلى مُصَلَّى العِيدِ ما أخرجه أحمدُ والبيهقيُّ وغيرُهما عن أختِ عبدِ اللهِ بنِ رَوَاحَةَ الأنصاريِّ عن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أنَّه قال: «وَجَبَ الخُرُوجُ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ -يعني في العِيدَين»(4)، وهو مذهبُ أبي بكر وعليٍّ وابنِ عُمَرَ على ما حكاه القاضي عياضٌ، ورواه ابنُ أبي شيبةَ(5). والأحاديثُ القاضيةُ بخروج النساء في العِيدَيْنِ مُطْلَقَةٌ لم تُفَرِّقْ بين البِكْرِ والثَّيِّبِ والشَّابَّةِ والعجوزِ والحائضِ وغيرِها ما لم يكن لها عُذْرٌ، وإذا خرجتْ فإنها تلتزم بآداب الخروج من تَرْكِ التَّطَيُّب والتزيُّن وأن تكون في غايةِ التستُّرِ.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 10 صفر 1428ه
الموافق ل: 28 فبراير 2007م



1- أخرجه البخاري في «العيدين»: (938)، وأبو داود في «الصلاة»: (1136)، وأحمد: (20269)، والبيهقي: (6330)، من حديث أم عطية رضي الله عنها.
2- أخرجه البخاري في «العيدين»: (932)، والنسائي في «صلاة العيدين»: (1586)، وابن حبان: (2823)، وأحمد: (3348)، وأبو يعلى: (2701)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
3- أخرجه البيهقي: (5472)، وابن أبي شيبة في «المصنف»: (7601)، من حديث أم حميد رضي الله عنها. وحسنه الألباني في «صحيح الجامع»: (3844).
4- أخرجه أحمد: (26609)، والبيهقي: (6271)، وأبو يعلى: (7154)، من حديث أخت عبد اللهِ بنِ رواحَة الأنصاريِّ رضي الله عنه. قال ابن حجر في «فتح الباري» (3/150): «وقد ورد هذا مرفوعا بإسناد لا بأس به»، وصححه الألباني في «صحيح الجامع»: (7105).
5- «المصنف» لابن أبي شيبة: (2/87).


* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *


الفتوى رقم: 880
الصنف: فتاوى الحج

في حكم التكبير الجماعي أيام العيد


السـؤال:
ما حكم التكبير الجماعيِّ بصوتٍ واحدٍ يومَ العيد وأيامِ التشريق؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالتكبير الجماعيُّ والاجتماعُ عليه بصوتٍ واحدٍ لم يُنقل عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، ولا عن الصحابةِ رضي الله عنهم ما يَقضي بمشروعيته، بل كُلُّ ذِكر لا يُشرَعُ الاجتماعُ عليه بصوتٍ واحدٍ، سواء كان تهليلاً أو تسبيحًا أو تحميدًا أو تلبية أو دعاءً، شُرِع رفع الصوت فيه أم لم يشرع، فكان الذِّكر المنفردُ هو المشروعُ برفع الصوت أو بخفضه، ولا تَعَلُّقَ له بالغير، وقد نقل -في حَجَّة الوداع- أنَّ أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم كان منهمُ المكبر ومنهم المهلِّل ومنهم الملبِّي(1)، و«الأَصْلُ فِي العِبَادَاتِ التَّوْقِيفُ وَأَنْ لاَ يُعْبَدَ اللهُ إِلاَّ بِمَا شَرعَ»، والمعلوم في الاجتماعِ على صوتٍ واحدٍ أنه من عبادةِ النصارى في قراءتهم الإنجيل جماعةً في كنائسهم، ولا يُعلم ذلك في شرعنا، أمَّا الآثارُ الثابتةُ عن بعضِ السلف كابن عمرَ وأبي هريرةَ رضي الله عنهما أنهما: «كَانَا يخرجان إلى السُّوقِ في أيَّام التشريق يُكبِّران، ويُكبِّرُ الناسُ بتكبيرهما»(2)، وما روى ابنُ أبي شَيبةَ بسندٍ صحيحٍ عن الزهريِّ قال: «كَانَ النَّاسُ يُكَبِّرُونَ يَوْمَ العِيدِ حِينَ يَخْرُجُونَ مِنْ مَنَازِلِهِمْ، حَتَّى يَأْتُوا المُصَلَّى، وَحَتَّى يَخْرُجَ الإِمَامُ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ سَكَتُوا، فَإِذَا كَبَّرَ كَبَّرُوا»(3)، فإنَّ المراد منها أنهم يقتدون به في التكبير وفي صفته، لا أنهم يجتمعون على التكبير بصوتٍ واحدٍ، كصلاة المأمومين مع إمامهم، فإنهم يُكبِّرون بتكبيره. لذلك ينبغي الاقتداءُ بالنبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، والاستنانُ بسُنَّته وسُنَّةِ الخلفاء الراشدين، وصحابته المرضيِّين السالكين هديَه، والمتَّبعين طريقتَه في الأذكار والأدعية وغيرهما، والشرُّ كُلُّ الشرِّ في مخالفته والابتداع في أمره، قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»(4)، وقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ»(5)، وقال تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63].
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 26 ربيع الأول 1429ه
الموافق ل: 03 أفريل 2008م



1- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب العيدين، باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة: (927)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الحج، باب التلبية والتكبير في الذهاب من منى إلى عرفات في يوم عرفة: (3098). عن محمَّد بن أبي بكر الثقفي قال: «قلت لأنس بن مالك غداة عرفة: ما تقول في التلبية هذا اليوم؟ قال: سرت هذا المسير مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأصحابِه فمِنَّا المكبِّر ومِنَّا المهلِّل، ولا يَعيب أحدُنا على صاحبه».
2- أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم في «صحيحه» كتاب العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريق: (1/ 329)، وصححه الألباني في «الإرواء»: (3/124).
3- أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»: (1/ 488)، وصححه الألباني في «الإرواء»: (2/121).
4- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود: (2550)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور: (4492)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
5- أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب السنة، باب في لزوم السنة: (4607)، والترمذي في «سننه» كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع: (2676)، وابن ماجه في «سننه» باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين: (42)، وأحمد في «مسنده»: (17608)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، والحديث صححه ابن الملقن في «البدر المنير»: (9/582)، وابن حجر في «موافقة الخبر الخبر»: (1/136)، والألباني في «السلسلة الصحيحة»: (2735)، وشعيب الأرناؤوط في «تحقيقه لمسند أحمد»: (4/126)، وحسَّنه الوادعي في «الصحيح المسند»: (938).


* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *


الفتوى رقم: 881
الصنف: فتاوى الحج

في حكم التكبير عقب الصلوات المكتوبة أيام التشريق


السـؤال:
ما حكم التكبيرِ عَقِبَ الصلوات المكتوبة أيامَ العيد والتشريق؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فيُستحبُّ الاستكثارُ من التكبير دُبُرَ الصلواتِ، وسائرَ الأوقات بلا عددٍ مخصوصٍ، ولا وقتٍ مخصوصٍ، أي: أن لا يُقتَصَر استحبابه عَقِبَ كُلِّ صلاةِ فريضةٍ ثلاثَ مرَّاتٍ، ولا عَقِبَ كُلِّ صلاة نافلةٍ مرَّةً، فإنَّ هذا لا دليلَ عليه، بل هو مُستحبٌّ في كلِّ وقتٍ من تلك الأيام المعدوداتِ، بلا تخصيصِ عددٍ ولا وقتٍ، لقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: 203]، ولسائر الأدلة المطلقة الأخرى، وقد جرى عليها عمل السلف: «وكان ابنُ عمرَ رضي الله عنهما يُكبِّر بِمِنًى تلك الأيامَ، وخَلْفَ الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسِه، وممشاه تلك الأيامَ جميعًا»(1).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 26 ربيع الأول 1429ه
الموافق ل: 03 أفريل 2008م



1- أخرجه البخاري معلّقًا بصيغة الجزم في «صحيحه» كتاب العيدين، باب التكبير أيام منى، وإذا غدا إلى عرفة: (2/461)، قال ابن حجر في «الفتح» (2/568): «وصله ابن المنذر والفاكهاني في "أخبار مكة"».

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *


الفتوى رقم: 877
الصنف: فتاوى الحج

في صيغة التكبير يوم العيد وأيام التشريق


السـؤال:
ما هي الصيغة الصحيحة للتكبير يوم العيد وأيام التشريق؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فلم يَصِحَّ في صيغة التكبير حديثٌ مرفوعٌ، وأصحُّ ما وردَ فيها ما أخرجه عبدُ الرزاق بسندٍ صحيحٍ عن سلمان رضي الله عنه قال: «كَبِّرُوا: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا»(1)، ونُقِلَ عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنه كان يقول: «اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الحَمْدُ، اللهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ، اللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا»(2)، قال الحافظ: «وقد أحدث في هذا الزمان زيادة في ذلك لا أصل لها»(3).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 26 ربيع الأول 1429ه
الموافق ل: 02 مارس 2008م



1- أخرجه عبد الرزاق في «المصنف»: (11/295)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (6076)، قال ابن حجر في «الفتح» (2/569): «أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح».
2- أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (6074)، وصححه الألباني في «الإرواء»: (3/126).
3- «فتح الباري» لابن حجر: (2/462).


* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *


الفتوى رقم: 879
الصنف: فتاوى الحج

في حكم الجهر بالتكبير أيام العيد


السـؤال:
ما حكم الجهر بالتكبير يومَ العيد وأيامَ التشريق؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فيمكن الجواب على هذا السؤال من المناحي التالية:
الأولى: يُشرَعُ التكبيرُ -جهرًا- في عيد الأضحى مِن صُبحِ يومِ عرفةَ إلى عصرِ آخرِ أيَّام التشريق، لقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: 203]، وهي أيام التشريق على ما قاله ابنُ عباس رضي الله عنهما(1)، وقد صحَّ ذلك عن عليٍّ رضي الله عنه أنه «كان يُكبِّر بعد صلاة الفجر يومَ عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيَّام التشريق، ويُكبِّر بعد العصر»(2)، وهو المنقولُ عن ابن مسعود(3) وغيرهما رضي الله عنهم.
الثانية: يُشرعُ التكبيرُ جهرًا في الطريق إلى المصلَّى، فعن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم كان يَخرجُ في العِيدين مع الفضلِ بنِ عباسٍ وعبدِ الله، والعباسِ، وعليٍّ وجعفرَ، والحسنِ والحسين، وأسامةَ بنِ زيدٍ، وزيدٍ بن حارثةَ، وأيمنَ بنِ أُمِّ أيمنَ -رضي الله عنهم- رافعًا صوتَه بالتهليل والتكبير»(4).
الثالثة: يُستحبُّ الجهر بالتكبير إذا دعت الحاجةُ إلى رفعه، لثبوت الأخبار في رفع الصوت بالتكبير والتلبيةِ وغيرِهما، أمَّا إذا لم تَدْعُ الحاجةُ إلى رفع الصوت به كان خَفْضُه أبلغَ في توقيره وتعظيمِه، فعن أبي موسى الأشعري قال: كُنَّا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في سفرٍ فجعل الناسُ يجهرون بالتكبير فقال النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِنَّكُمْ لَيْسَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهُوَ مَعَكُمْ»(5)، وبوَّب له النوويُّ: «باب استحباب خفضِ الصوت بالذِّكر إلاَّ في المواضعِ التي ورد الشرعُ برفعه منها كالتلبية وغيرِها»(6).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 26 ربيع الأول 1429ه
الموافق ل: 03 أفريل 2008م



1- أخرجه البخاري معلِّقًا في «صحيحه» كتاب العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريق: (1/329)، قال ابن حجر في «الفتح» (2/564): «وقد وصله عبد بن حميد... وروى ابن مردويه من طريق ابن بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «الأيام المعلومات التي قبل يوم التروية ويوم التروية ويوم عرفة، والمعدودات أيام التشريق» إسناده صحيح».
2- أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»: (1/488)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (3/314)، وصححه الألباني في «الإرواء»: (3/125)، وزكريّا بن غلام الباكستاني في «ما صح من آثار الصحابة في الفقه»: (1/502).
3- أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»: (1/488)، وانظر «الإرواء» للألباني: (3/125).
4- أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه»: (1431)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (5925)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. والحديث صحَّحه الألباني في «الإرواء»: (3/123).
5- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير: (2830)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الذكر والدعاء، باب استحباب خفض الصوت بالذكر...: (6862)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
6- «شرح مسلم» للنووي: (17/25).


* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *


الفتوى رقم: 10
الصنف: فتاوى الصـلاة


صلاة العيد في المدرسة

السؤال:
هل تشرع صلاة العيد بمدرسة بجوار المسجد يصلي فيها الرجال، وأخرى تصلي فيها النساء يفصل بينهما طريق عمومي، مع بقاء المسجد خاليا اعتقادا للأفضل في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيد في المصلى؟ وهل تصح الصلاة مع أن الصفوف يقطعها طريق عمومي؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، أمّا بعد:
فالأصل جواز اقتداء المأموم بالإمام ولو كان بينهما حائل إذا علم المقتدي انتقالات إمامه برؤية أو سماع، ويعضد هذا الأصل فعل أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه صلى على ظهر المسجد بصلاة الإمام، وفعل أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه كان يجمع في دار أبي نافع عن يمين المسجد بصلاة الإمام، ويأتم بالإمام مع سكوت الصحابة على فعله(1) وهذا إنما يحمل على الحاجة والعذر توفيقا بينه وبين الأمر الوارد بوصل الصفوف وسد الفرج في جملة من الأحاديث الثابتة في هذا الموضوع، ومن تلك الأعذار الموجبة لفعل الصحابة امتلاء المسجد واشتداد الزحام، فلا يُصَفُّ ويُصلَّى مع خلو المسجد، لذلك صلى هشام وأبوه عروة في دار عند مسجد قد امتلأ بصلاة الإمام بينهما طريق(2)، وفي هذا المعنى يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (إذا امتلأ المسجد بالصفوف صفوا خارج المسجد فإن اتصلت الصفوف حينئذ في الطرقات والأسواق صحت صلاتهم، وأما إذا صفوا وبينهم وبين الصف الآخر طريق يمشي الناس فيه لم تصح صلاتهم في أظهر قولي العلماء، وكذلك إذا كان بينهم وبين الصفوف حائط بحيث لا يرون الصفوف، ولكن يسمعون التكبير من غير حاجة، فإنه لا تصح صلاتهم في أظهر قولي العلماء، وكذلك من صلّى في حانوته والطريق خال لم تصح صلاته وليس له أن يقعد في الحانوت وينتظر اتصال الصفوف به، بل عليه أن يذهب إلى المسجد، فيسد الأول فالأول)(3).
قلت: لو لم يكن التزام الصف وسد الفُرج واجبا إلا من عذر لصحت الصلاة وراء الإذاعة المسموعة والمرئية، وهذا خلاف ما عليه الفتوى الشرعية.
أما عن صلاته صلى الله عليه وسلم للعيد إنما كانت في المصلى(4) وهو الصحراء أو الفضاء خارج البلد القريب منه عرفا، ولم يثبت عنه أنه أداها في المسجد، وبناء عليه فالسنة عند الجمهور أن موضع أدائها المصلى لا المسجد إلا من ضرورة أو عذر، ما عدا مكة فالأفضل أداؤها في الحرم المكي لشرف المكان وهذا خلافا للشافعية الذين يرون أنّه إذا كان المسجد ضيقا فالسنة أن تصلى في المصلى وإن كان واسعا فالأفضل الصلاة في المسجد.
ولا يخفاك أن العلماء إنما اختلفوا في الأفضلية في هذين الموضعين دون سواهما، وإيقاع صلاة العيد داخل المدرسة خارج عن الموضعين السابقين إذ لا يطلق -فيما أعلم- اسم المصلى بالمعنى العرفي على ساحة المدرسة ولا على فنائها، وعليه فإن الصلاة بهذا الاعتبار تكره لعدم وقوعها على الوجه المطلوب شرعا، بل قد لا تصح للعدول عن المسجد وإخلائه عن المصلين والانتقال بهم إلى المدرستين بجواره فضلا عن انقطاع الصف بالطريق العمومي ولذلك ينبغي أن تؤدى الصلاة في المصلى لفعله صلى الله عليه وسلم إن أمكن، فإن تعذر أدوها في المسجد وإن ضاق وخرجت الصفوف عنه فيسد الأول فالأول ولو وصلوا إلى المدرستين أو تجاوزوهما فإنّ الصلاة بهذا الاعتبار صحيحة لا غبار عليها.
والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين وسلم تسليما.

1- انظر " نيل الأوطار للشوكاني" ( 4/104 ) .
2- " مصنف عبد الرزاق" ( 3/82 ) .
3- " مجموع الفتاوى " ( 23/410 ) .
4- للشيخ الألباني رسالة في سنية العيد في المصلى، فراجعها.

الجمعة، ٢٦ رمضان ١٤٣٢ هـ

وجود الأطفال في المسجد

وجود الأطفال في الصلوات المفروضة دون سن الرابعة أو الخامسة وإزعاجهم للمصلين أثناء الصلاة وموقف الشرع في ذلك وكيف كان رسول الله محمد عليه السلام يصلي وأحفاده الحسن والحسين يلعبون فوقه وبجانبه أثناء أدائه الصلاة ؟ والسلا م عليكم ورحمة الله وبركاته 

الفتوى : 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلقد كان وجود الأطفال في المسجد وإحضارهم معهودا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأدلة على ذلك كثيرة.
منها: ما رواه أحمد وغيره عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس، وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما يثب على ظهره إذا سجد، ففعل ذلك غير مرة... الحديث، وهو حديث صحيح.
وروى الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين عليهما السلام، عليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر، فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: صدق الله "إنما أموالكم وأولادكم فتنة" ... الحديث. 
وروى البيهقي من حديث شداد بن الهاد في حديث طويل أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد، فجاء الحسن وصعد على ظهره، فأطال رسول الله صلى الله عليه وسلم السجود حتى نزل الحسن، ثم قال: إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته. 
فهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن الصبيان كان يؤتى بهم إلى المسجد زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي إحضارهم إلى المسجد فوائد كثيرة، منها: تعليمهم الصلاة، وتعليمهم كتاب الله عز وجل، وحضورهم حلقات العلم، وتأدبهم بالآداب الإسلامية وغير ذلك من الفوائد.
ولكن ينبغي للآباء أن يحُوطُوهم بالعناية والإرشاد، لكي لا يكونوا سببا في التشويش على المصلين.
وأما إذا كانوا سببا للتشويش على المصلين والعبث بالمسجد وممتلكاته وكانوا مع ذلك لا يأتمرون بأمر، ولا ينتهون عن نهي، فلا يجوز إحضارهم إلى المسجد حينئذ، لما يترتب على إحضارهم من هذه المفاسد، ولربما بال أحدهم في المسجد أو مزق المصاحف.
وقد سبق لنا أن فتوى في حكم إحضار الصبيان إلى المساجد، وهي برقم: 2750، فنحيل السائل إليها.
والله أعلم.

موقف الرجال والصبيان والنساء من الإمام


موقف الرجال والصبيان والنساء من الإمام

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد أولى الإسلام صفوف المصلين عناية كبيرة, فأمر بتسويتها, وأظهر فضيلة ذلك والاهتمام به، ومن تمام تسوية الصفوف موقف المصلين خلف الإمام، فقد جاء الأمر النبوي بترتيب الصفوف ليكون صف الرجال خلف الإمام، ثم يصف الصبيان خلف الرجال ما لم يسبقوا أو يمنع مانع، ثم يصف النساء خلف الصبيان.
ويدل على ذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم ثلاثاً، وإياكم وهيشات الأسواق)) رواه مسلم (432) قال الإمام النووي رحمه الله: "في هذا الحديث تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام لأنه أولى بالإكرام، ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو ما لا يتفطن له غيره، وليضبطوا صفة الصلاة، ويحفظوها وينقلوها، ويعلموها الناس، وليقتدي بأفعالهم من ورائهم، ولا يختص هذا التقديم بالصلاة بل السنة أن يقدم أهل الفضل في كل مجمع إلى الإمام وكبير المجلس كمجالس العلم والقضاء، والذكر والمشاورة، ومواقف القتال وإمامة الصلاة، والتدريس والإفتاء، وإسماع الحديث ونحوها، ويكون الناس فيها على مراتبهم في العلم والدين، والعقل والشرف، والسن والكفاءة في ذلك الباب، والأحاديث الصحيحة متعاضدة على ذلك"1.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخراً فقال لهم: ((تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم2، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله))3 رواه مسلم (438).
والمقصود فيما تقدم أن يتقدم الرجال، ثم الصبيان، ثم بعد ذلك النساء لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها)) رواه مسلم (440) قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "ويلزم من ذلك أن تتأخر صفوف النساء عن صفوف الرجال، وهذا الترتيب الذي ذكرناه ... ما لم يمنع مانع، فإن منع منه مانع بحيث لو جمع الصبيان بعضهم إلى بعض لحصل بذلك لعب وتشويش؛ فحينئذ لا نجمع الصبيان بعضهم إلى بعض؛ وذلك لأن الفضل المتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة من الفضل المتعلق بمكانها"4.
وتقديم الرجال ثم الصبيان يكون في ابتداء الأمر كأن يجتمع الناس للصلاة في وقت واحد، ولم يتقدم أحد قبل أحد، أما إذا جاء الصبي إلى الصفوف الأُوَّل، وسبق إلى مكان؛ فهو أحق به من غيره لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه)) رواه البخاري (6269)، ومسلم (2177)، واللفظ للبخاري.
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ما حكم تأخير الصبيان عن الصف الأول إذا كانوا قد سبقوا إليه؟ فأجاب بقوله: "لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقيم الرجل أخاه فيجلس في مكانه، إلا إذا حصل من هؤلاء الصبيان أذية فإنه يكلم أولياء أمورهم بهذا ليمنعهم من المسجد"5.
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: بعض الأولاد يبكرون يوم الجمعة، ويأتي أناس أكبر منهم ويقيمونهم ويجلسون مكانهم، ويحتجون بقوله صلى الله عليه وسلم: ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)) فهل هذا جائز؟ فأجاب: "هذا يقوله بعض أهل العلم، ويرى أن الأولى بالصبيان أن يصفوا وراء الرجال، ولكن هذا القول فيه نظر، والأصح أنهم إذا تقدموا لا يجوز تأخيرهم، فإذا سبقوا إلى الصف الأول، أو إلى الصف الثاني؛ فلا يقيمهم من جاء بعدهم؛ لأنهم سبقوا إلى حق لم يسبق إليه غيرهم، فلم يجز تأخيرهم لعموم الأحاديث في ذلك؛ لأن في تأخيرهم تنفيراً لهم من الصلاة، ومن المسابقة إليها؛ فلا يليق ذلك.
لكن لو اجتمع الناس بأن جاءوا مجتمعين في سفر أو لسبب فإنه يصف الرجال أولاً، ثم الصبيان ثانياً، ثم النساء بعدهم إذا صادف ذلك وهم مجتمعون، أما أن يؤخذوا من الصفوف ويزالوا، ويصف مكانهم الكبار الذين جاءوا بعدهم؛ فلا يجوز ذلك لما ذكرنا.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)) فالمراد به التحريض على المسارعة إلى الصلاة من ذوي الأحلام والنهى، وأن يكونوا في مقدم الناس، وليس معناه تأخير من سبقهم من أجلهم؛ لأن ذلك مخالف للأدلة الشرعية التي ذكرنا"6.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

 

1 شرح النووي على صحيح مسلم (4/155) دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط. الثانية 1392هـ.
2 معناه أي يقتدوا بي مستدلين على أفعالي بأفعالكم، ففيه جواز اعتماد المأموم في متابعة الإمام الذي لا يراه ولا يسمعه على مبلغ عنه، أو صف قدامه يراه متابعا للإمام، شرح النووي على مسلم (4/159).
3 أي عن الصفوف الأول حتى يؤخرهم الله تعالى عن رحمته أو عظيم فضله، ورفع المنزلة، وعن العلم ونحو ذلك. شرح النووي على مسلم (4/159).
4 الشرح الممتع على زاد المستقنع (4/278) للشيخ  محمد بن صالح بن محمد العثيمين، دار ابن الجوزي ط الأولى 1422هـ - 1428هـ.
5 مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (13/25).
6 مجموع فتاوى ابن باز (12/399-400) أشرف على جمعه: محمد بن سعد الشويعر، الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء.

حكم لعب الصبیان في المساجد



www.islamweb.net
فتاوى إسلام ويب
عنوان الفتوى : حكم لعب الصبیان في المساجد
رقم الفتوى : 138522
2010-8-5 تاريخ الفتوى : الخمیس 24 شعبان 1431
السؤال:
ما حكم اللعب في المسجد؟ حیث إن بعض الشباب والأطفال عندنا يلعبون في المسجد ويتضاربون
ويجري بعضھم خلف بعض، وقد يشوشون على المصلین، ويحتجون لجواز اللعب فى المسجد
بحديث عائشة في البخاري: أن الحبشة كانوا يلعبون فى المسجد  ويقولون إن ذلك من اللعب
المباح، فھل يجوز ھذا شرعا؟.
أفیدونا.
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل: تعظیم المساجد ورعاية حرمتھا وتنزيھھا عن كل ما لا يلیق بھا  من اللغو والباطل واللعب
ونحو ذلك  وقد قال الله تعالى: فِي بُیُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِیھَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِیھَا بِالْغُدُوِّ
.{ وَالْآصَالِ. { النور: 36
قال القاسمي: قال السیوطي في الإكلیل: في ھذه الآية الأمر بتعظیم المساجد وتنزيھھا عن اللغو
والقاذورات وفیھا استحباب ذكر الله والصلاة في المساجد. انتھى.
ودلائل وجوب احترام المساجد وتعظیمھا كثیرة، فما يفعله ھؤلاء الشباب مناف لما أمرنا الله تعالى
به من صیانة المساجد وتعظیمھا، وإذا كان النبي صلى الله علیه وسلم قد أمر بعدم التشويش
على المصلي ولو بقراءة القرآن فكیف بالتشويش علیه باللعب المنافي لتعظیم المسجد؟.
وأما ما استدلوا به من قصة لعب الحبشة في المسجد: فالدلیل صحیح، والاستدلال غیر صحیح،
فإن العلماء  رحمھم الله  اختلفوا في الوجه الذي يحمل علیه ھذا الحديث لیجمع بینه وبین الأدلة
الدالة على صیانة المساجد فمنھم من ذھب إلى أن ھذا الحديث منسوخ. ومنھم من قال: إن
النبي صلى الله علیه وسلم إنما أذن لھم في اللعب تألیفا لقلوبھم على الإسلام، فإن ذلك إنما
نقل من فعل الأحباش في يوم عید ولم يفعله كبار الصحابة  رضوان الله علیھم  فدل على أن
الرخصة فیه لیست عامة. ومنھم من قال: إن لعبھم كان في رحبة المسجد وأطلق لعبھم في
المسجد على جھة المجاز.
وقال كثیر منھم إنه إنما أذن لھم في ذلك لما في لعبھم بالحراب من التقوي على أمر الجھاد فھو
.{ من الامتثال لقوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَھُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ.{ الأنفال: 60
فلیس ھو لعبا مجردا، وإنما ھو لعب لتحقیق مقصود شرعي وھو التقوي والتمرن على أمر الجھاد.
وبكل تقدير، فاستدلالھم ھذا في غیر محله، فالواجب علیھم أن يتقوا الله تعالى، ويجتنبوا ما
يفعلونه مما ينافي حرمة المسجد ويتأذى به المصلون، وھاك بعض كلام العلماء في ھذا الحديث
يتبین به ما ذكرناه، قال الحافظ في الفتح: قوله: لقد رأيت رسول الله صلى الله علیه وسلم يوما في
باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد. فیه جواز ذلك في المسجد، وحكى ابن التین عن أبي
الحسن اللخمي: أن اللعب بالحراب في المسجد منسوخ بالقرآن والسنة: أما القرآن فقوله تعالى:
في بیوت أذن الله أن ترفع. وأما السنة فحديث: جنبوا مساجدكم صبیانكم ومجانینكم. وتعقب بأن
الحديث ضعیف ولیس فیه ولا في الآية تصريح بما ادعاه، ولا عرف التاريخ فیثبت النسخ.
وحكى بعض المالكیة عن مالك: أن لعبھم كان خارج المسجد وكانت عائشة في المسجد، وھذا لا
يثبت عن مالك، فإنه خلاف ما صرح به في طرق ھذا الحديث، وفي بعضھا أن عمر أنكر علیھم لعبھم
في المسجد، فقال له النبي صلى الله علیه وسلم: دعھم. واللعب بالحراب لیس لعبا مجردا، بل
فیه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو.
وقال المھلب: المسجد موضوع لأمر جماعة المسلمین، فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين
وأھله جاز فیه. انتھى.
وقال القاري في المرقاة: والحبشة يلعبون  الجملة حالیة، بالحراب بكسر الحاء  جمع الحربة وھي:
رمح قصیر في المسجد، أي في رحبة المسجد المتصلة به وكانت تنظر إلیھم من باب الحجرة وذلك
من داخل المسجد فقالت في المسجد لاتصال الرحبة به أو دخلوا المسجد لتضايق الموضع بھم،
وإنما سومحوا فیه، لأن لعبھم بالحراب كان يعد من عدة الحرب مع أعداء الله تعالى فصار عبادة
بالقصد كالرمي، قال تعالى جل جلاله: وأعدوا لھم ما استطعتم من قوة. انتھى.
وقال الشیخ ابن عثیمین في كتابه في الأصول: إقراره الحبشة يلعبون في المسجد من أجل
التألیف على الإسلام. انتھى.
وعلى جمیع التقديرات، فإن لعبھم لم يكن  قطعا  في وقت الصلاة، وبالتالي فلیس فیه دلیل على
جواز اللعب الذي يترتب علیه تشويش على المصلین.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
www.islamweb.net

إنَّ الصبیان إذا تقدَّموا إلى مكان، فھم أحقُّ بھ مِن غیرھم؛


Share |
الأطفال زینة من زینة الدنیا، ولغة سھلة بریئة في التعبیر عن الحیاة، وصدق الأول حین قال:
وإنما أولادنا بیننا أكبادنا تمشي على الأرض
ھكذا ھم الأطفال في أعین آبائھم وأمھاتھم، وقد صح عن رسولنا الكریم - صلى الله علیھ وسلم - أنھ كان
یداعب ھؤلاء الأطفال، ویسلم علیھم حتى قال عنھ أنس بن مالك - رضي الله عنھ -: "كان رسول الله - صلى
الله علیھ وسلم- یدخل علینا ولي أخ صغیر یُكنى أبا عمیر، وكان لھ نغر یلعب بھ، فمات، فدخل علیھ النبي -
صلى الله علیھ وسلم - ذات یوم فرآه حزیناً فقال: ((ما شأنھ))؟ قالوا: مات نغره، فقال: ((یا أبا عمیر ما فعل
. النغیر)) 1
لذا علیك أیھا الإمام الفاضل أن تتعامل مع ھؤلاء الصغار إذا دخلوا المسجد بألطف معاملة، وأطیبھا وألینھا،
برفق وحكمة وتعقل لا بعنف وقوة، فلا تخوفھم أو ترھبھم.
ولربما حصل لھم موقف واحد جعل في قلوبھم عقدة من المساجد وأھل المساجد، وھم وإن كانوا صغاراً إلا إن
لھم نفوساً ومشاعر، فرفقاً أیھا الإمام بالصبیان خاصة في ھذا الشھر الكریم، حتى یحبوا المساجد، ویتعودوا
علیھا، ویتعلموا من المسلمین الصلاة والأدب.
وانظر أیھا الإمام الكریم إلى فقھ الشیخ ابن عثیمین في ھذه المسألة حین قال - رحمھ الله -: "إنَّ الصبیان إذا
تقدَّموا إلى مكان، فھم أحقُّ بھ مِن غیرھم؛ لعموم الأدلَّة على أنَّ مَن سبقَ إلى ما لم یسبق إلیھ أحدٌ فھو أحقُّ
بھ، والمساجدُ بیوتُ الله یستوي فیھا عباد الله، فإذا تقدَّم الصبيُّ إلى الصفِّ الأول - مثلاً - وجَلَسَ فلیكنْ في
ولأننا لو قلنا بإزاحة الصِّبیان عن المكان الفاضل، وجعلناھم في مكان واحد؛ أدى ذلك إلى لَعبِھم؛ لأنَّھم ینفردون
بالصَّفِّ، ثم ھنا مشكل إذا دخل الرِّجالُ بعد أن صفَّ الجماعة ھل یُرجعونھم، وھم في الصلاة؟ وإن بَقَوا صفاً كاملاً
فسیُشوِّشون على مَنْ خلفَھم مِن الرِّجَال.
ثم إنَّ تأخیرھم عن الصَّفِّ الأول بعد أن كانوا فیھ یؤدِّي إلى محذورین:
المحذور الأول: كراھة الصَّبيِّ للمسجدِ؛ لأن الصَّبيَّ - وإنْ كان صبیا - لا تحتقره، فالشيء ینطبع في قلبھ.
. المحذور الثاني: كراھتھ للرَّجُل الذي أخَّره عن الصَّفِّ" 2
نسأل الله - تعالى - أن یوفق كل إمام لما یحب ویرضى، وأن یرشده سواء السبیل، ویوفقھ للخیر والصواب،
عن الإسلام والمسلمین خیر الجزاء، والحمد لله رب العالمین.
1 النغیر: تصغیر نغر، وھو طائر یشبھ العصفور أحمر المنقار.
.(18-3/ 2 الشرح الممتع على زاد المستقنع ( 17
لاتوجد تعلیقات لھذا الموضوع

حضور الصبي غير المميز إلى المسجد



حضور الصبي غير المميز إلى المسجد
السؤال: قرأت أنه لا حرج على الصبي فوق السابعة أن يصطف كباقي المصلين في الجماعة..فما حكم
من دون السابعة ..هل يبطل الصلاة؟ كذا إن مر أمام المصلين في غير الجماعة هل يبطل الصلاة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا حرج على الصبي المميز أن يصف مع الجماعة ، بل ينبغي تعويده ذلك وتشجيعه عليه ،
وتمكينه من الصف الأول وغيره إذا سبَق إليه .
والتمييز لا يختص بسن السابعة ، فقد يكون الطفل ذكيا نابها وهو في السادسة أو
الخامسة ، فيعقل الصلاة ، ويلتزم بآداب المسجد .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " التمييز يكون غالبا في سبع سنين، ولكن قد
يميز الصبي وعمره خمس سنين، قال محمود بن الربيع رضي الله عنه: عقلت مجََّة مجهّا
الرسول صلى الله عليه وسلم في وجهي وأنا ابن خمس سنين. فبعض الصغار يكون ذكيا يميز
وهو صغير، وبعضهم يبلغ ثماني سنين وما يميز " انتهى من "لقاء الباب المفتوح"
(13/37).
وقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن الصبيان يؤتى بهم إلى المساجد ؟ فقال : "إن كان
لا يعبث لصغره ، ويكُفَ إذا نهُي فلا أرى بهذا بأسا ، وإن كان يعبث لصغره فلا أرى
أن يؤتى به إلى المسجد " انتهى من المدونة ( 195 / 1) .
فمن كان دون التمييز فلا ينبغي إحضاره ، إلا عند الاضطرار أو الحاجة ، كأن تتغيب
أمه عن البيت ولا يمكن للأب تركه في البيت بمفرده ، ونحو ذلك .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم إحضار الصبيان الذين هم دون التمييز
ممن يلُبََّسُّون الحفائظ التي ربما يكون أو غالب ما يكون فيها النجاسة؟ وإذا حضروا
هل يطُرْدَون أم لا؟
فأجاب : "إحضار الصبيان للمساجد لا بأس به ما لم يكن منهم أذية ، فإن كان منهم أذية
فإنهم يمُنعون ؛ ولكن كيفية منعهم أن نتصل بأولياء أمورهم ، ونقول: أطفالكم
يشوِّشون علينا ، يؤذوننا وما أشبه ذلك ، ولقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يدخل
في صلاته يريد أن يطيل فيها ، فيسمع بكاء الصبي فيتجوَّز في صلاته مخافة أن تفتتن
الأم ، وهذا يدل على أن الصبيان موجودون في المساجد؛ لكن كما قلنا : إذا حصل منهم
أذية فإنهم يمُنعون عن طريق أولياء أمورهم ؛ لئلا يحصل فتنة ؛ لأنك لو طردت صبياً
له سبع سنوات يؤذي في المسجد ، وضربته سيقوم عليك أبوه ؛ لأن الناس الآن غالبهم ليس
عندهم عدل ولا إنصاف ، ويتكلم معك وربما يحصل عداوة وبغضاء. فعلاج المسألة هو: أن
نمنعهم عن طريق آبائهم حتى لا يحصل في ذلك فتنة.
أما مسألة إحضاره فليس الأفضل إحضاره؛ لكن قد تضُطْرَ الأم إلى إحضاره؛ لأنه ليس في
page 1 / 3

تذكير الأماجد بضوابط حضور الصبيان إلى المساجد


تذكير الأماجد بضوابط حضور الصبيان إلى المساجد

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد .
من أيامٍ قليلةٍ قرأتُ مقالا للأخ الكاتب الأستاذ أنس محمد خير يوسف بعنوان
( ظاهرة شَغَب الأطفال في المساجد )
http://www.alukah.net/Articles/Artic...ArticleID=1112
وكان مقالا طريفا للغاية ، وناقش ظاهرةً تعيشها مجتمعاتنا الإسلامية ، وفتح ذهني إلى الكتابة في هذا الموضوع فالله الموفق .

لقد وردت بعض الأحاديث النبوية التي تدل على دخول الصبيان المساجد ، ولم يرد في النهي عن ذلك حديث صحيح ، ومن الأحاديث الدالة على الجواز على سبيل المثال لا الحصر :
1 - عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِي الْعَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا ( متفق عليه )
وفي رواية عند مسلم : " عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَاتِقِهِ فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا وَإِذَا رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ أَعَادَهَا "

2 - عَنْ أَبِي قتادة قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ ( متفق عليه )
فأخذ بعض أهل العلم من هذه الأحاديث جواز إدخال الصبيان إلى المساجد :
- قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم ( ج2 ص218 الشاملة ) : " وَأَنَّ الصَّبِيّ يَجُوز إِدْخَاله الْمَسْجِد وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى تَنْزِيه الْمَسْجِد عَمَّنْ لَا يُؤْمَن مِنْهُ حَدَث ."
- وقال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري ( ج3 ص277 الشاملة ) : " وقالوا : يكره إدخال المجانين والصبيان - الذين لا يميزون - المساجد ، ولا يحرم ذلك ؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى وهو حامل أمامة ، وفعله لبيان الجواز ."
- وقال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار ( ج3 ص128 - 129 الشاملة ) : " وَفِيهِ جَوَازُ إدْخَالِ الصِّبْيَانِ الْمَسَاجِدَ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ** جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَحُدُودَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَجَمِّرُوهَا يَوْمَ جُمَعِكُمْ وَاجْعَلُوا عَلَى أَبْوَابِهَا مَطَاهِرَكُمْ } وَلَكِنَّ الرَّاوِيَ لَهُ عَنْ مُعَاذٍ مَكْحُولٌ وَهُوَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ ، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ** جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَاِتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ } وَفِي إسْنَادِهِ الْحَارِثُ بْنُ شِهَابٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ .
وَقَدْ عَارَضَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الضَّعِيفِينَ حَدِيثُ أُمَامَةَ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَحَدِيثُ الْبَابِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ** إنِّي لَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ فَأُخَفِّفُ ، مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَتَنَ أُمُّهُ } وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِحَمْلِ الْأَمْرِ بِالتَّجْنِيبِ عَلَى النَّدْبِ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ ، أَوْ بِأَنَّهَا تُنَزَّهُ الْمَسَاجِدُ عَمَّنْ لَا يُؤْمَنُ حَدَثُهُ فِيهَا ."
فكما نرى استنبط العلماء من هذه الأحاديث جواز دخول الصبيان للمساجد ، مع تقريرهم بالكراهة وبأن الأولى اجتناب ذلك ، وكما هو معلوم أن الكراهة التنزيهية تزول لأدنى حاجة ( راجع مجموع الفتاوى ج4 ص 426 الشاملة - ج5 ص48 الشاملة - )
ولكن وضع العلماء لحضور الصبيان المساجد قواعد وضوابط ولم يتركوا الأمر فوضويا أو عشوائيا ، بل وضعوا الضوابط التي تكفل المحافظة على حرمة المسجد ، وسوف أنقل نصوص الفقهاء من المذاهب المختلفة ، ثم أضع خلاصة الضوابط التي وضعوها في نهاية المقال ، فإليك نصوصهم :
أولا : علماء المذهب المالكي
- في المدونة : " قَالَ : وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الصِّبْيَانِ يُؤْتَى بِهِمْ إلَى الْمَسَاجِدِ ؟ فَقَالَ : إنْ كَانَ لَا يَعْبَثُ لِصِغَرِهِ وَيَكُفُّ إذَا نُهِيَ فَلَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا ، قَالَ : وَإِنْ كَانَ يَعْبَثُ لِصِغَرِهِ فَلَا أَرَى أَنْ يُؤْتَى بِهِ إلَى الْمَسْجِدِ ." ( ج1 ص253 الشاملة )
2 - مواهب الجليل : " وَإِحْضَارُ صَبِيٍّ بِهِ لَا يَعْبَثُ وَيَكُفُّ إذَا نُهِيَ ) ش : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ إذَا كَانَ يَعْبَثُ وَلَا يَكُفُّ إذَا نُهِيَ فَلَا يَجُوزُ إحْضَارُهُ لِمَا فِي الْحَدِيثِ ** جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ مَجَانِينَكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ } فَالشَّرْطُ فِي جَوَازِ إحْضَارِهِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ : إمَّا عَدَمُ عَبَثِهِ أَوْ كَوْنُهُ يَكُفُّ إذَا نُهِيَ عَنْ الْعَبَثِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يَكُفُّ عَنْ الْعَبَثِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي حَوَاشِي التُّجِيبِيِّ ، قَالَ يَعْنِي يَكُفُّ إذَا نُهِيَ قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ يَعْنِي يَكُونُ شَأْنُهُ اسْتِمَاعَ مَا يُؤْمَرُ بِهِ وَتَرْكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَنْزِيهُ الْمَسَاجِدِ عَنْ لَعِبِ الصِّبْيَانِ بَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ ، وَلَوْ بِالْعِلْمِ انْتَهَى .
وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي " رَسْمِ حَلَفَ " مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ إحْضَارِ الصَّبِيِّ أَحَدُ أَمْرَيْنِ : إمَّا عَدَمُ عَبَثِهِ أَوْ كَوْنُهُ يَكُفُّ إذَا نُهِيَ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَعْبَثَ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَنْزِيهُ الْمَسَاجِدِ عَنْ لَعِبِ الصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ** فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ } الْآيَةَ انْتَهَى ." ( ج5 ص 49 الشاملة )

ثانيا : علماء المذهب الشافعي
1 - في روضة الطالبين : " وكذا الصبيان والمجانين يمنعون من دخوله." ( ج1 ص109 الشاملة )
2 - في المجموع : " من البدع المنكرة ما يفعل في كثير من البلدان من ايقاد القناديل الكثيرة العظيمة السرف في ليال معروفة من السنة كليلة نصف شعبان فيحصل بسبب ذلك مفاسد كثيرة منها مضاهات المجوس في الاعتناء بالنار والاكثار منها ومنها اضاعة المال في غير وجهه ومنها ما يترب على ذلك في كثير من المساجد من اجتماع الصبيان وأهل البطالة ولعبهم ورفع أصواتهم وامتهانهم المساجد وانتهاك حرمتها وحصول أوساخ فيها وغير ذلك من المفاسد التى يجب صيانة المسجد من أفرادها" ( ج2 ص177 -178 الشاملة )
3 - حاشيتا قليوبي وعميرة : " " وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِتَصْرِيحِهِمْ بِتَحْرِيمِ إدْخَالِ الصِّبْيَانِ الْمَسَاجِدَ ، كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْعِدَّةِ ، وَاعْتَرَضَهُ النَّوَوِيُّ ، فَقَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ إذَا لَمْ يَغْلِبْ تَنْجِيسُهُمْ كَانَ مَكْرُوهًا .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : فَهَذَا صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ عِنْدَ غَلَبَةِ النَّجَاسَةِ وَالْكَرَاهَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْغَلَبَةِ " ( ج6 ص73 الشاملة ) "
4 - الأشباه والنظائر للسيوطي : " وَمِنْ ثَمَّ حُرِّمَ إدْخَالُهُ الصِّبْيَانَ وَالْمَجَانِينَ حَيْثُ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ .
وَإِلَّا فَيُكْرَهُ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَالشَّهَادَاتِ ." ( ج2 ص 269 الشاملة )

ثالثا :علماء المذهب الحنبلي
- في مطالب أولي النهى : " ( وَيَجُوزُ تَعْلِيمُ كِتَابَةٍ لِصِبْيَانٍ ) فِي الْمَسْجِدِ بِالْأُجْرَةِ ، قَالَهُ فِي " الْآدَابِ الْكُبْرَى " بِشَرْطِ أَنْ ( لَا يَحْصُلَ مِنْهُمْ ضَرَرٌ فِيهِ ) ، أَيْ : الْمَسْجِدِ ، كَتَلْوِيثِهِ بِحِبْرٍ وَنَحْوِهِ .
( وَسُنَّ صَوْنُهُ ) ، أَيْ : الْمَسْجِدِ ، ( عَنْ ) صَغِيرٍ ( غَيْرِ مُمَيِّزٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ ) وَلَا فَائِدَةٍ . ( ج6 ص3 )
2 - وقال أيضا : " ( وَ ) سُنَّ أَنْ ( يُصَانَ ) الْمَسْجِدُ عَنْ رَفْعِ الصِّبْيَانِ أَصْوَاتَهُمْ بِاللَّعِبِ " ( ج6 ص4 )
3 - جاء في كشاف القناع : " ( وَيُسَنُّ أَنْ يُصَانَ ) الْمَسْجِدُ ( عَنْ صَغِيرٍ لَا يُمَيِّزُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَلَا فَائِدَةٍ ) ( ج6 ص223 )
4 - وقال في الفروع : " وَقِيلَ فِيهِ يُكْرَهُ كَصَغِيرٍ ، وَفِيهِ فِي النَّصِيحَةِ يُمْنَعُ لِلَّعِبِ ، لَا لِصَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ بَطَّةَ وَغَيْرِهِ ، وَأَطْلَقَ فِي الْخِلَافِ مَنْعَ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ ، وَنَقَلَ مُهَنَّا يَنْبَغِي أَنْ يُجَنَّبَ الصِّبْيَانُ الْمَسَاجِدَ " ( ج1 ص201 )
5 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " يُصَانُ الْمَسْجِدُ عَمَّا يُؤْذِيهِ ، وَيُؤْذِي الْمُصَلِّينَ فِيهِ ، حَتَّى رَفْعُ الصَّبِيَّانِ أَصْوَاتَهُمْ فِيهِ ؛ وَكَذَلِكَ تَوْسِيخُهُمْ لِحُصْرِهِ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ .
لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ وَقْتَ الصَّلَاةِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَظِيمِ الْمُنْكَرَاتِ ." ( الفتاوى الكبرى ج2 ص197 )
6 - قال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري : " وقال في رواية مهنا : ينبغي أن تجنب الصبيان المساجد ." ( ج3 ص277 )


الخلاصة : خلاصة ما ذكرنا هو أن الأصل جواز دخول الصبيان المساجد ، وإن كان الأولى اجتناب ذلك لعدم المميزين إلا لحاجة ، وأن علماءنا قد وضعوا ضوابط لحضور الصبيان إلى المسجد وهي :
1 - أن يؤمن عدم تنجيسهم المسجد ، و لا يجوز إحضار من لا يؤمن منهم تنجيس المسجد ، ويجب على وليه تطهير ما نجسه الصبي .
2 - أن يكون ممن لا يعبث في المسجد أو إذا عبث ونُهي عن ذلك كَف عن العبث .
3 - أن يكون لحاجة كتعليم أو تدريب على صلاة ونحو ذلك .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه وسلم .

الرافضة ونشاطهم في منطقة كاسماس السنغالية


وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: 03-08-07
الدولة: كاسماس السنغال
المشاركات: 82
افتراضي الرافضة ونشاطهم في منطقة كاسماس السنغالية

بسم الله الرحمن الرحيم
الصراع بين أهل السنة والرافضة هو حلقة من حلقات الصراع التاريخي بين الْحق والباطل، فإن التاريخ شاهد صدق على أن الشيعة لم يكونوا يوماً من الأيام في عُدْوَةِ أهل الحق، ولم يشتركوا مع الْمسلمين في واد من وِدْيَانِ الْجهاد والعلم، فليس هناك مِنْ شِبرٍ واحدٍ من أرض الحرب فتحوه، بل إن الشيعة ما كانوا يوماً إلا عامل فرقة وخيانة لأهل الإسلام ولديارهم، فلم تدمر بغداد على يد التتار إلا بخيانتهم وجرائمهم وعلى يد ابن العلقمي، ونصير الدين ( الكفر) الطوسي ولم يتحالف مع الصليبيين في حروبِهم الأولى مع المسلمين وفي العصر الحديث إلا الشيعة.
فها هي دولة الرفض الجديدة والتي أقامها دِهْقَانُهُمْ الأكبر في هذا العصر ـ روح الله مصطفى أحمد الخميني ـ تسعى جادة لتصدير ثورتِهم الرافضية الْمبنية على البغض والحقد والكيد والْمكر بالإسلام والْمسلمين، والتعاون مع أعدائهم من الصليبين والصهاينة ضدهم. 
هذا وإن أي متابع لأنشطتهم الدعوية في هذا العصر يلاحظ أن قصدهم وهدفهم ليس نشر الإسلام ولا الدعوة إليه وإنما الغاية عندهم نقل المسلم السني وتحويله عن عقيدته ودينه إلى عقيدة الرفض الْمقيتة ودينه الباطل، وليس لَهم في دعوتِهم إلا هذا الْمعنى. 
ولا يخفى على أحد - من حملة العلم والدعاة المتيقظين من أهل السنة والجماعة - الجهدُ الذي تبذله الرافضة - برعاية الدولة الإيرانية - هذه الأيام للتمدد في كل مكان من أرجاء العالم الإسلامي، وذلك لأن العالم الإسلامي يَمُرُّ بِحالة من الضعف مشهودة. وهم يَمرون بنشوة من القوة لا تدوم. فجعلوا هذه الحالة فرصة ذهبية في تاريخهم لا يتركونَها تَمر إلا ويستغلونَها بالدعوة إلى نحلتهم، وهم - في دعوتِهم حريصون على غزو معاقل أهل السنة التي تبدو في نظرهم رسوماً مندثرة لن تقوم لَها قائمة – وقد أَوْلَوْا الغرب الأفريقي اهتماماً خاصاً، لِما لِهذا الإقليم من أهمية إستراتيجية كبيرة متمثلة في كثرة المسلمين وانتشارهم فيه، وقد ساعدهم على تحقيق ما كسبوه من النجاح النسبي انتشارُ الفقر بين أهالي هذه المنطقة، وفشو الجهل بأصول الدين الإسلامي فيهم - في الغالب- فاستغل القوم هذه العوامل أتم استغلال للدعاية إلى الرفض والزندقة. 
فكان من أهم الوسائل التي تبنوها لشراء ضمائر الناس هو بناء مساجد ومدارس في مدن وقرى فقيرة وتقديم منح دراسية بسخاء لمنسوبي هذه المدارس ليلتحقوا بجامعاتهم وحوزاتهم في إيران ( قم ) والعراق ( النجف ) ولبنان. 
وقد حققوا نجاحا كبيرا في منطقة كاسماس السنغالية خاصة، وخاصة لدى أبناء القبيلة الْبَالَنْتِيَّةِ حيث استغلوا الأوضاع الأمنية المتدهورة هناك، والتي كان من آثارها انتشار الفقر المدقع والجهل المطبق من بين سكانِها، فبنوا في جزئيها الغربي (زغنشور) والشرقي (كولدا ) مدرستين كبيرتين يدير الأولى منهما الأستاذ نوح مانِي خريج إحدى الجامعات الإيرانية، وهو من قبيلة بَالَنْتَ الحديثة العهد بالإسلام، ويدير الأخرى الأستاذ موسى جالو خريج جامعة قم الإيرانية وهو فُلاَّنِيٌّ من شمال السنغال هاجر بعد تخرجه إلى مدينة كولدا الجنوبية لنشر الرفض والتشيع. وقد أصبحت هاتان المدرستان - الآن - قاعدة للتخطيط والانطلاق لنشر التشيع والزندقة بين أهالي كاسماس.
وقد حقق الأستاذ نوح من النجاح في مهمته التشييعية ما لم يحققه الأستاذ موسى نظرا لاختلاف طبيعة القبيلتين اللتين ينتسب إليهما الرجلان فالأول بَالَنْتِيٌّ من قبيلة حديثة العهد بالإسلام شاذجة في مستوى فهمها للدين الإسلامي عارية من زعيم ديني أو عالم سني يتصدى للدعوات والدعايات التخريبة والمناهج الهدامة التي تغزو المنطقة، والثاني فُلاَّنِيٌّ من قبيلة عريقة في الإسلام لم يسبقه إليه أية قبيلة في المنطقة، وهي واعية مثقفة وفاهمة للدين، فيهم من فهم الإسلام قدرا يَمنع أفرادها من الانسياق بسهولة وراء نحلة ظاهرة البطلان مخالفة للعقل الصحيح والطبع السليم كما هو حال الرفض. 
ولقد كان اختيارهم لِلْمنطقة الجنوبية (كاسماس) للدعاية محكوما بأمور:
1 - إدراكهم لثقلها وأهميتها استراتيجيا واقتصاديا، لأنَّها تشترك مع ثلاث دول في الحدود الجغرافية [غينيا بيساو وغينيا كوناكري وغامبيا] وهي ميزة تنفرد بها عن سائر المناطق السنغالية، وعليه فإن أية فكرة أو منهج تتأثر به المنطقة فسرعان ما يصيب عدواه الْمناطق الْمتاخِمة لها من البلد الْمجاور ويتسرب إلى أهليها. هذا بالإضافة إلى كونِها أثرى منطقة في السنغال على الإطلاق- من حيث وفرة الموارد الطبيعية والمواد الأولية-، فضلا عن كونها تضم أكبر سوق للمواد الغذائية في غرب أفريقيا، وهي سوق "جاوبي" الأسبوعية..
2 – كون القبائل التي تسكن هذه المنطقة [ الْمَانْدِنْكَ، الْجُولاَ، الْبَالَنْتَ، الْمَانْجَاكْ، وَفُلاَّنُ فِيرْدُو وَكَبَادَا] من أكثر القبائل السنغالية إخلاصا في عقائدها وتَمسكا بِمبادئها وتفانيا في التعلق بمعتقدها والدعوة إليه حتى في آخر رمق من حياتها، فنجاحهم في هذه المنطقة يعني ضمان معاقل ومراكز حصينة ينطلقون منها للتأثير في المناطق المجاورة داخل البلاد وخارجها من البلدان المجاورة. 
3 – أن داعيتهم الشهير ومنظرهم الكبير الأستاذ نوح مانِي من أهل هذه المنطقة ومن قبيلة بَالاَنْتَ الْحديثة العهد بالإسلام، فيسهل له الدعاية ونشر التشيع فيهم نظرا لشذاجة قبيلته وجهلهم بالإسلام وعدم وجود شخصية إسلامية ذات وزن ثقيل وكلمة مسموعة فيهم. كما يوجد ذلك في قبائل الماندنك والفلَّان والجولا.
4 – تدهور حالة الأمن في الْمنطقة منذ أكثر من عشرين سنة - وبالتحديد منذ سنة 1982م - جرَّاء الأنشطة التمردية التي يقوم بِها الانفصاليون من حركة القوة الديـمقراطية الكاسـماسية الْجولاوية(MFDC)والشيعة معروفون بأنَّهم يتتبعون أماكن الفتن والقلاقل ويتحينون فرص الاضطرابات السياسية في الديار الإسلامية لبث سمومهم ونشر التشيع والرفض. ولا تكاد تجد لهم نشاطا إلا في بلاد الْمسلمين ومن بين شباب أهل السنة.
5 – قلة الوعي الإسلامي لدى شباب الْمنطقة نظرا لقلة دعاتها إلى منهج أهل السنة والجماعة، مع أن أكثر من خمس وثمانين في المائة من سكانها مسلمون، لكن مستوى ثقافتهم ومعرفتهم بالعقيدة الإسلامية الصحيحة والمنهج الأثري السني السليم ضئيل جدا... والقاعدة عند الرافضة تقولبِـ""منع دعاتِهم من الكلام في بيت فيه مصباح""[1] فبسبب غياب الْمصباح (الدعاة) في المنطقة خَلاَ للشيعة الجو فتكلموا، ومِنْ ثَمَّ سهلت لَهم مهمتهم. 
6 – خُلُوُّ الساحة عن مراكز ومعاهد إسلامية لأهل السنة (السلفيين) تضادهم في مهمتهم الدعائية (التخريبية)، وقد ساهم هذا العامل والعامل الذي قبله في عدم احتياجهم إلى استعمالالتقية والتستر والنفاق والتزوير، بل برزوا إلى الناس مسفرين عن وجوههم نقاب التقية والتستر ومبشرين- بكل صراحة - بِحقيقة نِحلتهم وعقيدتِهم، بما فيها الْمجاهرة بسب الصحابة وتكفيرهم، وتغيير اسم كل متشيع جديد يحمل اسم أبي بكر أو عمر أو عثمان أو عائشة – رضي الله عنهم-. 
فهذه هي أهم العوامل التي ساعدت الشيعة في تحقيق بعض النجاح في منطقة كاسماس بين القبائل الْبَالاَنْتِيَّةِ. 
والآن بدأ الأستاذ نوح يرسل أبناء الْبَالَنْتَ إلى حوزاتِهم ومعاهدهم في داكار كحوزة الرسول الأكرم، وحوزة الْمزدهر، وكلية الزهراء، وذلك لإكمال الْمرحلة الوسطى من تشييعهم ومن ثَمَّ إرسالِهم إلى إيران، وقد أخبرني ثلاثة[2] من طلاب حوزة الرسول الأكرم أن أكثر طلاب الحوزة من أهل كاسماس ومن الْبَالَنْتَ.

قد أشرنا في ما تقدم أن الأستاذ نوح مانِي حقق في دعوته نجاحا نسبيا نظرا لطبيعة القبيلة التي ينتمي إليها وهي قبيلة "بَالاَنْتَ" الحديثة العهد بالإسلام، والعارية عن عالم سني أو زعيم ديني يفهم حقيقة الإسلام أو يتحمس لأي مذهب أو منهج من مذاهبه ومناهجه، لذا سهل عليه – كداعية إلى الرفض- أن ينجح في بني جنسه الشذج، مستعملا في دعوته طريقة الإغراء بالْمال وبناء المساجد والمدارس في مدنهم وقراهم – علما بأن قبيلة "بَالَنْتَ" تنتشر في طول الحدود السنغالية البيساوية، وهي القبيلة الرابعةمن حيث الكثرة في الْمنطقة. 
وأما الأستاذ موسى جالو فلم يحالفه الحظ في دعوته نظرا لطبيعة القبيلة التي ينتمي إليها فهو فلاني ،والفلان (التكرور) قبيلة عريقة من أسبق القبائل في غرب أفريقيا دخولا في الإسلام وطلبا للعلم وتضلعا فيه وقد سجل لنا التاريخ من علماء التكرور جماعة ممن كانوا من كبار علماء الأمة الإسلامية من قديم الزمان وحديثه[3]، فليس الفلان من الشذاجة والجهل بحيث يسهل التأثير فيهم بمثل هذه النحلة اللاعقلانية، فضلا عن كون الأستاذ موسى جالو غريبا في المنطقة ليس من أهلها وإنما دخلها بعد تخرجه منتدَبا من الشيعة لنشر التشيع والدعوة إلى الرفض، ولا ننكر أنه كان في بداية أمره قد حقق بعض النجاح، لكن سرعان ما انكشف أمره، فافتضح وحذَّر العلماء منه ، فاضمحل أمره، وتقلصت شعبيته في مدينة كولدا. 
ورغم كل هذا الخطر، فلا يزال هناك فرصة كبيرة لقطع الطريق أمام الأستاذين نوح وموسى وعن تقدم الشيعة وتَمددهم في الْمنطقة، إذا تعاون الدعاة من أهل السنة مع من يتقنون اللغة الماندنكية دعاة أو مترجمين يتمكنون من إيصال رسالة الإسلام الصحيحة إلى الْبَالَانْتِيِّينَ لأنَّهم كلهم يفهمون اللغة الماندنكية، فلو نسقوا معهم وقاموا بحملات دعوية، لتصحيح عقائد المسلمين وتوعيتهم وتنوير عقولِهم وبيان بطلان نحلة القوم وعقائدهم ليفهموا الإسلام فهما سليما خالصا من شوائب الشرك والبدع والخرافات والرفض[4] لكان ذلك خيرا، ولأخرجوا بذلك المنطقة من خطر الشيعة المحتمل بل المتحقق. ولا أرى ضرورة أن الْحملة هذه تتوقف على دعم وتَمويل أو مساعدة من إحدى المؤسسات الإسلامية، - نعم نمد إليهم أيدينا ونناشدهم الله تعالى ليقدموا إلينا يد المساعدة – لكننا مع ذلك لا ينبغي لنا أن نجلس مكتوفي الأيدي متواكلين لا نتحرك انتظارا لِمُمَوِّلٍ أو داعم يتكفل مشروع الحملة المضادة لأنشطة الرافضة، فهذا مما لا ينبغي أن يكون سلوكا للداعية الغيور على دينه، الذاب عن ِحِمى العقيدة الإسلامية أن تُنْتَهكَ، بَل علينا أن ننتدب ونترشح للقيام بحملة مضادة، وأن نَنْفِرَ خِفَافًا وثِقَالاً للتصدي لَهم وأن نبذل ما في وسعنا من الجهود المادية والمعنوية في سبيل تحقيق الْهدف الْمرسوم الذي هو التوعية وتصحيح المفاهيم لوقف الْمد الشيعي في الْمنطقة، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}، {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}{ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا }.
ولاشك أنه عند التنسيق وتكثيف الحملات الدعوية التصحيحية لا يكون أمامنا كبير صعوبة في تحقيق النجاح الْمرجو بإذن الله. 
هذا وأسأل الله تعالى أن يوفقنا للحق وأن يلهمنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يعيننا على اتباع سنة رسوله محمد الأمين r في العقيدة والمنهج. إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد خليله وحبيبه وعلى آله وصحبه ومن اقتدى بهديه وهديهم إلى يوم الدين.

[1]- قاعدة " لا تتكلم في بيت فيه مصباح " هي من فروع قاعدة التقية عند الشيعة ومعناها أنه ينبغي على الداعية إلى الرفض أن لا يظهر عقيدته في بلد فيه عالم سني يعرف حقيقة الرافضة ومعتقداتهم لِأَلاَّ ينكشف له أمرهم. 

[2] - وهم إبراهيم تيام، ومحمد عالم جالو، وسيدي مختار كونتا، وقد وفقهم الله تعالى أن وقفوا على بطلان عقائد الشيعة وتركوها بعد أن جمعني وإياهم مجالس للحوار والمناقشة. فغادروا الحوزة بعد ذلك، وانتقل محمد عالم جالو إلى بيتي وما زال يقيم معي. 

[3] - ومن أشهرهم العلامة شهاب الدين القرافي صاحب الفروق، والحافظ ابن الملقن التكروري صاحب البدر المنير وشيخ الحافظ ابن حجر العسقلاني، والفقيه الشيخ أحمد بابا التنبكتي الفلاني شارح الخليل، والشيخ صالح الفلاني الفوتجلوي صاحب إيقاظ الهمم، وغيرهم كثير.

[4]- ومن المؤسف جدا أن الخرافات والبدع أكثر ما تلاحظ منتشرة في كاسماس لدى المتدينين من الشيوخ وطلبة العلم،
  #2  
قديم 17-09-08, 04:19 AM
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: 04-09-02
المشاركات: 453
افتراضي

بارك الله فيكم ..
أتمنى منكم إيصال هذه المعلومات للجمعيات السنية المتنوعة ؛ لعلها تتعاون في التصدي لهذا الخطر ..
  #3  
قديم 17-09-08, 06:23 AM
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: 17-08-06
المشاركات: 728
افتراضي

لعن الله الرافضة .

بارك الله فيك أخي .
وكما قال لك الشيخ سليمان الخراشي ، أرسل المعلومات للجمعيات السنية هناك في السنغال لعلهم يتداركون الأمور !
  #4  
قديم 17-09-08, 03:00 PM
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: 03-08-07
الدولة: كاسماس السنغال
المشاركات: 82
افتراضي

جزاكم الله خيرا ونفع بنصائحكم وإشارتكم
علما بأن حجم الخطر الرافضي في المنطقة أكبر مما يتخيل وما زال الدعاة السنيون يعملون في التصدي لانتشارهم في المنطقة لكن المشكلة تكمن في الجنس البالانتي الذي ذكرته في صلب الموضوع، لأن لهم لغة خاصة بهم لا يكاد يفهمها إلا من هو منهم، ومع أن معظمهم يجيدون اللغة الماندنكية التي أنا من أبنائها والناطقين بها، لكن البالانتيين تعصبوا للشيعة لأن داعيتهم بالانتي وهو عالمهم الوحيد، مع الدعم الكبير الذي يحصل عليه هذا الرجل من الدولة الراعية للرفض، فضلا عن عدم وجود التنسيق المرجو من الإخوة أهل السنة في السنغال ، فضلا عن قلة الدعاة من أبناء المنطقة أو ممن يجيدون اللغة البالنتية أو الماندنكية، وبدوري أنا - بعد ان تنبهت لخطرهم - لم ألق محاضرة ولا كلمة ولم أخطب خطبة- مهما كان موضوعها - إلا وذكرت الناس عن أمرهم وخطرهم على الإسلام والمسلمين، وقد بدأت بعض الملحقيات الرسمية للشئون الإسلامية لإحدى دول الخليج تتعاون معي في سبيل العمل للتصدي لهم. والله تعالى المستعان وإليه المشتكى والمآل.

التعديل الأخير تم بواسطة عبد الأحد محمد الأمين ساني ; 17-09-08 الساعة 03:05 PM سبب آخر: بعض الأخطاء في الحروف
  #5  
قديم 17-09-08, 03:11 PM
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: 13-12-06
المشاركات: 880
افتراضي

لقد منّ الله علي وزرت السنغال في هذا الصيف وأقمت عندهم دورة في العقيدة وحصل خلالها نقاشات في البدع الموجودة عندهم وقدزرت بعض المناطق وكان أغلب مكوثي في منطقة لوقا تبعد عن العاصمة 200 كيلو,
والسنغال انتشرت فيها البدع انتشارا واسعا كالقبورية وغيرها
وقد وقعت السنغال فريسة أقتسمها الروافض والصوفية
وأهل السنه لهم نشاط على قدر امكانياتهم البسيطة لقلة ذات اليد.
  #6  
قديم 17-09-08, 04:20 PM
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: 03-08-07
الدولة: كاسماس السنغال
المشاركات: 82
افتراضي

جزى الله أخانا نائفا أبا محمد خير الجزاء على مبادرتك هذه وزيارتك للسنغال واهتمامك بشئون المسلمين فيها وكثر من أمثالك، نعم هذه هي مشكلتنا ونرجو منكم الإسهام في إيجاد الحلول- لاسيما المعنوية منها والعلمية- وجزاكم الله
  #7  
قديم 17-09-08, 08:06 PM
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: 28-05-03
المشاركات: 3,912
افتراضي

قاتل الله الرافضة
__________________
أَرى أُمَّتي لا يُشرِعونَ إِلى العِدا * رِماحَهُمُ وَالدِّينُ واهي الدَّعائِمِ
أَتَهويمَةً في ظِلِّ أَمنٍ وَغِبطَةٍ * وَعَيشٍ كَنُّوارِ الخَميلَةِ ناعِمِ؟!
  #8  
قديم 07-10-08, 05:14 AM
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: 13-12-06
المشاركات: 880
افتراضي

نريد موضوعا خاص عن جهود الرافضة في السنغال او في القارة الإفريقية
من أجل أن يطلع عليها الاخوة المثقفون ويعرفوا نشاط هذه المذهب الخبيث
ويتعاونوا على كشف هذا المذهب الشركي
  #9  
قديم 07-10-08, 01:28 PM
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: 03-08-07
الدولة: كاسماس السنغال
المشاركات: 82
افتراضي

وقد كنت أعددت دراسة مسهبة عن نشاطهم في السنغال ولم أحررها بعد، ومنها استللت هذا التقرير وحررته بطلب من الجهة المشارة إليها، وإن شاء الله سأقوم بتحريرها في أسرع وقت ممكن، وبارك الله في الأخ نائف.