الثلاثاء، ١٩ ذو الحجة ١٤٣٢ هـ

الشيخ أحمد بن محمد بن حبيب الله الملقب " بخديم الرسول



الشيخ أحمد بن محمد بن حبيب الله الملقب " بخديم الرسول " ولد سنة 1854 م فى مدينة مباكي باوول السينغالية
نشأ في حجر والده، وقرأ عليه القرآن حتى حفظه حفظاً جيدا،.و أخذ عنه التجويد وعلم القراءات السبع.ثم أخذ عن عمه صمب تكلوركه، وعن خاله محمد البصوبي ، وعن العالم محمداليدالي الديماني ،وعن العالم العلامة الشاعر الأديب الفقيه مدياخالي كل. وكان رحمه الله جبلا راسخا في علوم القرآن والحديث،و الفقه بمذاهبه الأربعة وأصوله،والتصوف السني وطودا شامخا في البلاغة والمنطق والعلوم العربية
بعد ما تبحر في كل العلوم وتضلع من كل الفنون وأربى على معاصريه، وبعدما رأى والده ما فيه من العلم والمعرفة وبعدما تفرس فيه الولاية والصلاح ولاه جل أوقات التدريس، وفوض إليه تعليم بعض الطلبة. لكنه ما لبث أن انقطع إليه جّل التلامذة واكتفوا به فوكل إليه والده أمر التدريس .
زهد الشيخ في متع الدنيا وزخرفها، وصدف عن شهواتها وشبهاتها، وأقبل إلى ربه بهمة عالية وبقلب خاشع ومؤمن،فليس للدنيا أدنى نصيب من قلبه، بل جميع حركاته وسكناته لله وفي الله وإلى الله،فلا يماري السفهاء ولا يداهن الأمراء.ولقد أجاب قومه حين طلبوا منه أن يخالط السلاطين ليفوز ببعض الحلال الطيب بكلمة ما زال التاريخ يرددها بلسان رطيب بالثناء مليء بالإعجاب لقد قال لهم:


قالوا ليّ اركن لأبواب السلاطين تحز جوائز تغني كلماحين
فقلت حسبي ربي و اكتفيت به ولست أرضى بغير العلم و الدين
ولست أرجو ولاأخشى سوى ملكي لأنه جلَّ يغنيني وينجيني
أنى أفوض أحوالي لمن عجزوا عن حال أنفسهم عجزالمساكين
أو كيف يبعثني حب الحطام إلى جوار من دورهم دور الشياطين
إن كنت ذاحزن أو كنت ذا وطر دعوت ذا العين قبل الراءوالشين
وهو المعين الذي لاشيء يعجزه وهوالمكون ماشاء أي تكوين
إن شاء تعجيل أمر كان ذاعجل أو شاء تأجيله يبطأ إلى حين
يا من يلوم فلا تكثر ودع عذلي إذ لست من فقدتي الدنيا بمحزون
إن كان عيبي زهد في حطامهم فذاك عيب نفيس ليس يخزيني

فلما رأوا زهده وورعه وتقشفه وسمعوا منه هذا الكلام ظنوه أبله أو مجنونا أو أن فيه نوعا من المس والوسوسة. لكنه أعرض عنهم وأجابهم قائلا:
قالواسفيه لصرفي عنهم بصري ورغبتي عن ذوي العصيان في البشر
قالوا سفيه لتفويضي إلى ملك أمري عن الكون في صفوو في كدر
قالوا سفيه لحبي خالقي ملكي ولم أكن للبرايا أشتكي ضرري
قالوا سفيه لكوني لم أخف أحدا و ما رجوت سوى الرحمن ذي القدر
قالوا سفيه لقفوي نهج ملجإنا للشيخ سيدي فحل الخير في الخبر
فقلت خلواسبيلي واتركوا عذلي مالي سوى طاعة الرحمن من وطر
مالي سوى الله إذ مااللحدغيبني وجاءني الملكان الدهرمن وزر
مالي غدا حين عزرائيل يقبضني روحي نصيرسوى مولاي في العصر
مالي غدايوم حشرالخلق كلهم رب لطيف سوى مولاي ذي البشر
مالي إذاالضرأضناني و أزمنني غوث رحيم سوى مولاي يازمريِ
إن سفهوني عن ورد أخذت به للشيخ سيدي شيخ البدو و الحضر
فلا أكون رشيدا مثل رشدهم فسوف يمتاز يوماأعظم السير
الحمد لله إذ كانت سفاهتنا إدامة الورد والأذكار و الفكر

وقد أسس الشيخ أحمد بمب الطريقة المريدية وقد لخص مبادئها فى قوله :

بنيت طاعتي باتباع بالذكروالسنة والإجماع
عاهدت ربي على العباده بسنة المختارخيرالساده
له علي العهدفي تحليل ما حلل مع تحريم ماقد حرما
عاهدته أيضاعلى ترك ابتداع مستهترًالوجهه قصد اتباع
ظهر لي أن اعتصاما بالكتاب وبحديث المصطفى هوالصواب
لجئت للكريم بالكتاب وبالحديث ثم بالصواب
كرامتي ومفخري وجاهي كتاب ربي ورسول الله
يا جملة قدثلثوا بضلالهم من لم يكن ولد له أووالد
أخرجتموني ناطقين بأنني عبد الإله وإنني لمجاهد
و ظننتم أن المدافع عندنا والكل منكم ذو قلى ويحاسد
ومقالكم حق فإني عبده وخديم عبد الله وهوالحامد
و مقالكم إني أجاهد صادق إني لوجه الله جل أجاهد
إني أجاهد بالعلوم و بالتقى عبدا خديما و المهيمن شاهد
سيفي الذي يفري طلى من ثلثوا توحيده فهو الإله الواحد
و مدافعي اللاتي بها أنفي العدى و بها يفارقني عنيد قاصد
ذكر حكيم أحكمت آياته ممن يزحزح ما يريد المارد
أما رماحي فالأحاديث التي وردت عن الماحي ونعم الوارد
وبها أزحزح بدعة قد أحدثوا و بها يلازمني سعيد عابد
أما الفروع فأسهم قد حددت لحديثه إن الفروع زوائد
وبها أزحزح صائلا من شبهة عن جانبي إن السهام طوارد
أما الذي يتجسس الأسرار لي فتصوف صاف جلاه أماجد

ولما رأى المستعمر الفرنسي رغبة الخلق فيه وانثيالهم عليه توجسوا منه خيفة فبدأوا يرسلون الجواسيس والعيون ليكونوا على بينة من أمره وقد أبلغهم الجواسيس بأن الشيخ يدعو للجهاد ، وأنه يعد لإنشاء أمبراطورية إسلامية على غرار الشيوخ المتقدمين مثل ناصر الدين و مبه جخه والحاج عمر الفوتي وغيرهما، وأنه في جمع العدة والعدد لمهاجمتهم واستئصال جذورهم وتم استدعائه من طرف الفرنسيين

وبعد ما وصلوا إلى مدينة سان لوي (اندر) مركز السلطة ومحل التحكيم، وبعد رفع وخفض وختْم وفضٍّ استقر قرارهم على تغريبه وأجمعوا على نفيه إلى " الجزر الكونغولية " . فلبث الشيخ في المنفى ثماني حجج إلا قليلا من1895م.إلى1902م.اضطروا إلى إرجاعه إلى بلاده ورفعوا الحكم عنه.

إلا أنهم ما لبثو أن حكموا عليه ثانيا بالنفي إلى موريتانيا،فمكث فيها أربع سنوات من1903إلى1907م.
, وكانت فترته فى موريتانيا ثرية حيث تواصل مع العلماء والأعيان فأتاه الناس من حدب ومدحه الشعراء وتواصل مع علماء بني ديمان وأسرة آل الشيخ سيديا وعلماء الزوايا .
وبعدما رأوا أن هذا لا يجدي ولا ينفع ردوه منها ونقلوا إلى قرية منعزلة اسمها(جييين)ومنعوه من مقابلة أكثر من ستة أشخاص يوميا .ولم ينتهوا منه بل أقاموه أخيرا إقامةً جبريةً في مدينة جُربل إلى أن وافاه الأجل المحتوم سنة 1927
ومن جيد شعره فى الإرشاد والتوجيه :

فسارعوا للعلم أجمعينا لوجه ذي الجلال قاصدينا
تعلمواالعلم لوجه الله دون المنافسة والتباهي
لاتقصدوااستمالة البرايا لكم ولا حوزكم الهدايا
فمن تعلم لماقدذكرا فسعيه في هدم دينه جرى
وباع آخرته بالدنيا وضاع سعيه وخاب سعيا
فلتقصدوا أربعة لدى ابتدا تعلم لكي تفوزوا بالهدى
أولهاالخروج من ضلال والثان نفع خلق ذي الجلال
ثالثها الإحياء للعلوم والرابع العمل بالمعلوم
ومن شروط طلب العلم تعد ستة أشياء تودي للرشد
أولها صبرعلى الجوع الوسط كأسد والثان حنبت الغلط
إطالة الجلوس في التعلم كالنسر بابتغا رضى المعلم
ثالثها حرص على طلبه كمثل حرص الكلب في مطلبه
رابعها حلم كمثل الهر خامسهاإدامة للصبر
عن النساء الصارفات الهمم كصبر خنزير بلا تهمم
سادسها صبر على ذل أبد صبر حمارفاطلبوا بذي الرشد
وهذه الشروط لاتحصل إلا بكد واجتهاد يحصل
واعلم بأن من أبى تعلما وقت صباه سيلاقي ندما
إذكل من لم يتبادرللعلوم مع تفرغ لها قبل الهموم
فلا ينال غالبا مطلوبه منه وليس يحتوي مرغوبه
فقدمواالعقائدالسنيه مجردات عن فرى ومريه
وبعده الفقه وبعد ذين علم التصوف المزيل الشين
وبعده لابد من آلات للبحث في الحديث والآيات
كالنحو والعروض والبيان ولغة العرب والمعاني
وإن تعلمت فبالله استعن ثم بإخلاص وقلب مطمئن
وبملازمة درس وورع وقلة النوم وقلة الشبع
فدم على الدرس مع التكرار في ماقرأته بلا إدبار
وخالف النفس فإن النفسا أمارة بما يجر حبسا
وقلل الرقاد فارق الكسل و قلل الراحة قصرالأمل
ومن نهاكم عن التعلم فنهيه إلى الضلال ينتمي
إذكل من في ذا الزمان منع من التعلم فإنه دعا
لبدعة شنيعة إذالعمل إن لم يكن بالعلم شابه الخلل
فالعلم والعمل جوهران لخيري الدارين يجلبان
وأشرف الأصلين علم قدما كماأتى به حديث قد سما
إذكل عامل بلا علم يرى فسعيه مثل هباء نثرا
ومن حوى علما وليس يعمل به فإنه حمار يحمل
وعد منهاكونه مجتهدا في فرضه وماحوى تأكدا
ولايكن مؤخر الصلاة بغير عذر ما عن الأوقات
ولازم الخشية والتأدبا مع التواضع يزرك الأدبا
ودم على تواضع بامتهان وقت التعلم تنل نور الجنان
فالمتعلم إذا تكبرا فلا ينال بالمراد الظفرا
دع الترفه ولا تجلس أبدْ على الفراش وقته بلا نكد


وله فى أيضا فى الحث على التعلم :

كن كاتما للضر والبؤسى تنلْ قصدا وتعلُ الجيل يامتعلمُ
لا تكثر الشكوى وكن متجلدا حتى يظن الناس أنك منعمُ
فالعلم لا يعطى لمن يخشى طوى بل ربنا عبدا صبورا يلهمُ
داوم على درس العلوم مطالعا ياويح طمس للطوى يتجمجمُ
لا تشتغل بالرزق إذ رب الورى متكفل رزق الذي يتعلمُ
واخش الإله لدينه متحافظا إذ لا ينال العلم عاص مجرمُ
ناء الكواعب والغواني اعتزل إن تدن منها من ردى لا تسلمُ
لا تشتر الدنيا بأخرى يا فتى من باع نورا بالدجى فسيندمُ




هناك تعليق واحد: