الجمعة، ٢٦ رمضان ١٤٣٢ هـ

حكم لعب الصبیان في المساجد



www.islamweb.net
فتاوى إسلام ويب
عنوان الفتوى : حكم لعب الصبیان في المساجد
رقم الفتوى : 138522
2010-8-5 تاريخ الفتوى : الخمیس 24 شعبان 1431
السؤال:
ما حكم اللعب في المسجد؟ حیث إن بعض الشباب والأطفال عندنا يلعبون في المسجد ويتضاربون
ويجري بعضھم خلف بعض، وقد يشوشون على المصلین، ويحتجون لجواز اللعب فى المسجد
بحديث عائشة في البخاري: أن الحبشة كانوا يلعبون فى المسجد  ويقولون إن ذلك من اللعب
المباح، فھل يجوز ھذا شرعا؟.
أفیدونا.
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل: تعظیم المساجد ورعاية حرمتھا وتنزيھھا عن كل ما لا يلیق بھا  من اللغو والباطل واللعب
ونحو ذلك  وقد قال الله تعالى: فِي بُیُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِیھَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِیھَا بِالْغُدُوِّ
.{ وَالْآصَالِ. { النور: 36
قال القاسمي: قال السیوطي في الإكلیل: في ھذه الآية الأمر بتعظیم المساجد وتنزيھھا عن اللغو
والقاذورات وفیھا استحباب ذكر الله والصلاة في المساجد. انتھى.
ودلائل وجوب احترام المساجد وتعظیمھا كثیرة، فما يفعله ھؤلاء الشباب مناف لما أمرنا الله تعالى
به من صیانة المساجد وتعظیمھا، وإذا كان النبي صلى الله علیه وسلم قد أمر بعدم التشويش
على المصلي ولو بقراءة القرآن فكیف بالتشويش علیه باللعب المنافي لتعظیم المسجد؟.
وأما ما استدلوا به من قصة لعب الحبشة في المسجد: فالدلیل صحیح، والاستدلال غیر صحیح،
فإن العلماء  رحمھم الله  اختلفوا في الوجه الذي يحمل علیه ھذا الحديث لیجمع بینه وبین الأدلة
الدالة على صیانة المساجد فمنھم من ذھب إلى أن ھذا الحديث منسوخ. ومنھم من قال: إن
النبي صلى الله علیه وسلم إنما أذن لھم في اللعب تألیفا لقلوبھم على الإسلام، فإن ذلك إنما
نقل من فعل الأحباش في يوم عید ولم يفعله كبار الصحابة  رضوان الله علیھم  فدل على أن
الرخصة فیه لیست عامة. ومنھم من قال: إن لعبھم كان في رحبة المسجد وأطلق لعبھم في
المسجد على جھة المجاز.
وقال كثیر منھم إنه إنما أذن لھم في ذلك لما في لعبھم بالحراب من التقوي على أمر الجھاد فھو
.{ من الامتثال لقوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَھُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ.{ الأنفال: 60
فلیس ھو لعبا مجردا، وإنما ھو لعب لتحقیق مقصود شرعي وھو التقوي والتمرن على أمر الجھاد.
وبكل تقدير، فاستدلالھم ھذا في غیر محله، فالواجب علیھم أن يتقوا الله تعالى، ويجتنبوا ما
يفعلونه مما ينافي حرمة المسجد ويتأذى به المصلون، وھاك بعض كلام العلماء في ھذا الحديث
يتبین به ما ذكرناه، قال الحافظ في الفتح: قوله: لقد رأيت رسول الله صلى الله علیه وسلم يوما في
باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد. فیه جواز ذلك في المسجد، وحكى ابن التین عن أبي
الحسن اللخمي: أن اللعب بالحراب في المسجد منسوخ بالقرآن والسنة: أما القرآن فقوله تعالى:
في بیوت أذن الله أن ترفع. وأما السنة فحديث: جنبوا مساجدكم صبیانكم ومجانینكم. وتعقب بأن
الحديث ضعیف ولیس فیه ولا في الآية تصريح بما ادعاه، ولا عرف التاريخ فیثبت النسخ.
وحكى بعض المالكیة عن مالك: أن لعبھم كان خارج المسجد وكانت عائشة في المسجد، وھذا لا
يثبت عن مالك، فإنه خلاف ما صرح به في طرق ھذا الحديث، وفي بعضھا أن عمر أنكر علیھم لعبھم
في المسجد، فقال له النبي صلى الله علیه وسلم: دعھم. واللعب بالحراب لیس لعبا مجردا، بل
فیه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو.
وقال المھلب: المسجد موضوع لأمر جماعة المسلمین، فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين
وأھله جاز فیه. انتھى.
وقال القاري في المرقاة: والحبشة يلعبون  الجملة حالیة، بالحراب بكسر الحاء  جمع الحربة وھي:
رمح قصیر في المسجد، أي في رحبة المسجد المتصلة به وكانت تنظر إلیھم من باب الحجرة وذلك
من داخل المسجد فقالت في المسجد لاتصال الرحبة به أو دخلوا المسجد لتضايق الموضع بھم،
وإنما سومحوا فیه، لأن لعبھم بالحراب كان يعد من عدة الحرب مع أعداء الله تعالى فصار عبادة
بالقصد كالرمي، قال تعالى جل جلاله: وأعدوا لھم ما استطعتم من قوة. انتھى.
وقال الشیخ ابن عثیمین في كتابه في الأصول: إقراره الحبشة يلعبون في المسجد من أجل
التألیف على الإسلام. انتھى.
وعلى جمیع التقديرات، فإن لعبھم لم يكن  قطعا  في وقت الصلاة، وبالتالي فلیس فیه دلیل على
جواز اللعب الذي يترتب علیه تشويش على المصلین.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
www.islamweb.net

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق